للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُئلَ مالِكٌ لمَن يَجدُ فُرصةً من عَدوٍّ قَريبٍ أنْ يَنهَضوا إليهم بغيرِ إذْنِ الإمامِ، ولم يُجِز ذلك لسَريةٍ تَخرجُ من العَسكرِ، عبدُ المَلكِ: وتُردُّ السَّريةُ وتُحرَمُ ما غَنِموا، سحنُونٌ: إلا أنْ تَكونَ جَماعةٌ لا يُخافُ عليهم فلا يَحرِمَهم، يُريدُ: وقد أَخطؤُوا. انتهى ذِكرُه عندَ قَولِ ابنِ الحاجِبِ، ويَجبُ مع وُلاةِ الجَورِ.

وقالَ في الشامِلِ في أولِ الجِهادِ: ولا يَجوزُ خُروجُ جَيشٍ دونَ إذْنِ الإمامِ وتَوليتِه عليهم مَنْ يَحفَظُهم، إلا أنْ يَجِدوا فُرصةً من عَدوٍّ وخافُوا فَواتَه لبُعدِ الإمامِ أو خَوفِ مَنْعِه، وحرُمَ على سَريةٍ بغيرِ إذْنِه، ويَمنعُهم الغَنيمةَ أدَبًا لهم، إلا أنْ يَكونوا جَماعةً لا يَخشَونَ عَدوًّا فلا يَمنعُهم الغَنيمةَ.

وقالَ الشَّيخُ أحمَد زرّوق في بعضِ وَصاياه لإخوانِه: التَّوجُّهُ للجِهادِ بغيرِ إذْنِ جَماعةِ المُسلِمينَ وسُلطانِهم سُلَّمُ الفِتنةِ، وقَلَّما اشتَغلَ به أحَدٌ فأنجَحَ (١).

وقالَ الشافِعيةُ وأحمدُ في رِوايةٍ: لا يَجبُ إذْنُ الإمامِ أو نائِبِه إلا أنَّه يُكرَهُ الغَزوُ بغيرِ إذْنِ الإمامِ أو نائِبِه.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : يُكرَهُ غَزوٌ بغيرِ إذْنِ الإمامِ أو نائِبِه (٢).

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : قَولُه: «يُكرَهُ غَزوٌ بغيرِ إذْنِ الإمامِ أو نائِبِه» تَأدُّبًا معه، ولأنَّه أعرَفُ من غيرِه بمَصالحِ الجِهادِ.

وإنَّما لم يَحرُمْ؛ لأنَّه ليسَ فيه أكثَرُ من التَّغريرِ بالنُّفوسِ، وهو جائِزٌ في الجِهادِ، ويَنبَغي -كما قالَ الأذرَعيُّ- تَخصيصُ ذلك بالمُتطوِّعةِ، أمَّا


(١) «مواهب الجليل» للحطاب (٣/ ٣٤٩، ٣٥٠).
(٢) «منهاج الطالبين» ص (١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>