وفي سَماعِ أشهَبَ: وسُئلَ مالِكٌ عن القَومِ يَخرُجونَ في أرضِ الرُّومِ مع الجَيشِ فيَحتاجونَ إلى العَلفِ لدَوابِّهم، فتَخرجُ جَماعةٌ إلى هذه القَريةِ وجَماعةٌ إلى قَريةٍ أُخرى يَتعلَّفونَ لدَوابِّهم ولا يَستأذِنونَ الإمامَ، فرُبَّما غَشِيهم العَدوُّ فيما هناك إذا رأوْا غِرتَهم وقِتالَهم فقتَلوهم أو أسرَوهم أو نَجَوْا منهم، وإنْ ترَكنا دَوابَّنا هلَكت؟ فقالَ: أَرى إنِ استطَعتُم استِئذانَ الإمامِ أنْ تَستأذِنُوه، ولا أَرى أنْ تَغزوا بأنفُسِكم فتُقتَلوا في غيرِ عُدةٍ ولا كَثرةٍ، ولا أَرى ذلك.
وسُئلَ مالِكٌ: عن العَدوِّ يَنْزِلُ بساحِلٍ من سَواحِلِ المُسلِمينَ يُقاتِلونَهم بغيرِ استِئمارِ الوالي؟ فقالَ: أَرى إنْ كانَ الوالي قَريبًا منهم أنْ يَستأذِنُوه في قِتالِهم قبلَ أنْ يُقاتِلوهم، وإنْ كانَ بَعيدًا لم يَترُكوهم حتى يَقَعوا بهم.
فقيلَ له: بلِ الوالي بَعيدٌ منهم. فقالَ: كيف يَصنَعون؟ أيَدَعونَهم حتى يَقَعوا بهم؟ أَرى أنْ يُقاتِلوهم.
قالَ ابنُ رُشدٍ ﵀: وهذا كلُّه كما قالَ: إنَّه لا يَنبَغي لهم أنْ يَغزوا بأنفُسِهم في تَعلُّفِهم وأنَّ الاختيارَ لهم أنْ يَستأذِنُوا الإمامَ في ذلك إنِ استَطاعوا، ويَلزمُهم ذلك إنْ كانَ الوالي عَدلًا على ما قالَه ابنُ وَهبٍ في سَماعِ زونانَ وهو عبدُ المَلكِ بنُ الحَسنِ، وأنَّ قتالَ العَدوِّ بغيرِ إذنِ الإمامِ لا يَجوزُ إلا أنْ يَدهَمَهم فلا يُمكِنُهم استِئذانُه. انتَهى من سَماعِ زونانَ.
سُئلَ عبدُ اللهِ بنُ وَهبٍ عن القَومِ يُواقِعون العَدوَّ هل لأحدٍ أنْ يُبارِزَ بغيرِ إذنِ الإمامِ؟ فقالَ: إنْ كانَ الإمامُ عندَه لم يَجزْ له أنْ يُبارِزَ إلا بإذْنِه، وإنْ كانَ