للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبَقَ في التَّفليسَ، وهل لصاحِبِ الدَّينِ مَنعُه من سَفرِ الجِهادِ؟ فيه خَمسةُ أوجُهٍ: أصَحُّها: لا، والثانِي: نَعمْ إلا أنْ يُقيمَ كَفيلًا بالدَّينِ، والثالِثُ: له المَنعُ إنْ لم يُخلِّفْ وَفاءً، والرابِعُ: له المَنعُ إنْ لم يَكنْ من المُرتزَقةِ، والخامِسُ: له ذلك إنْ كانَ الدَّينُ يَحِلُّ قبلَ رُجوعِه ورُكوبِ البَحرِ كسَفرِ الجِهادِ على الأصَحِّ (١).

وقالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : حيثُ جاهَدَ بالإذْنِ قالَ الماوَرديُّ والرُّويانِيُّ: لا يَتعرَّضُ للشَّهادةِ ولا يَتقدَّمُ أمامَ الصُّفوفِ بل يَقِفُ في وَسطِها وحَواشيها ليَحفَظَ الدَّينَ بحِفظِ نَفسِه (٢).

وأمَّا الحَنابِلةُ فقالَ منهم ابنُ قُدامةَ : ومَن عليه دَينٌ حالٌّ أو مُؤجَّلٌ لم يَجزْ له الخُروجُ إلى الغَزوِ إلا بإذْنِ غَريمِه، إلا أنْ يَترُكَ وَفاءً أو يُقيمَ به كَفيلًا أو يُوثِّقَه برَهنٍ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ، ورخَّصَ مالِكٌ في الغَزوِ لمَن لا يَقدِرُ على قَضاءِ دَينِه؛ لأنَّه لا تَتوجَّه المُطالَبةُ به ولا حَبسُه من أجلِه، فلم يُمنَعْ من الغَزوِ كما لو لم يَكنْ عليه دَينٌ.

ولنا: أنَّ الجِهادَ تُقصَدُ منه الشَّهادةُ التي تَفوتُ بها النَّفسُ فيَفوتُ الحقُّ بفَواتِها، وقد جاءَ أنَّ رَجلًا جاءَ إلى رَسولِ اللهِ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرأيتَ إن قُتِلتُ في سَبيلِ اللهِ أتُكفَّرُ عنِّي خَطايايَ؟ فقالَ رَسولُ اللهِ


(١) «روضة الطالبين» (١٠/ ٢١٠)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٧)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٧٧).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>