للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمَدينِ أنْ يَخرجَ، سَواءٌ كانَ عِندَه وَفاءٌ أو لم يَكنْ، أذِنَ له صاحِبُ الدَّينِ في ذلك أو منَعه عنه، فإذا انتَهى إلى المَوضِعِ الذي استقَرَّ إليه المُسلِمونَ فإنْ كانَ أمرًا يُخافُ على المُسلِمينَ منه فليُقاتلْ، وإنْ كانَ أمرًا لا يُخافُ على المُسلِمينَ منه فلا يَنبَغي له أنْ يُقاتِلَ إلا بإذنِ غَريمِه (١).

وقالَ المالِكيةُ: مَنْ عليه دَينٌ قد حَلَّ وعندَه به قَضاءٌ فلا يَنفِرْ ولا يُرابِطْ ولا يَعتمِرْ ولا يُسافِرْ حتى يَقضيَ دَينَه، وإنْ كانَ دَينًا لم يَحِلَّ أو لا وَفاءَ له به فله أنْ يَنفِرَ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: ممَّا يَمنعُ وُجوبَ الجِهادِ الدَّينُ، فالذي عليه دَينٌ حالٌّ لمُسلمٍ أو ذِميٍّ ليسَ له أنْ يَخرجَ في سَفرِ جِهادٍ أو غيرِه إلا بإذْنِه، وله أنْ يَمنعَه السَّفرَ لتَوجُّهِ المُطالَبةِ به، وله الحَبسُ إنِ امتنَع، وإنْ كانَ مُعسِرًا فليسَ له مَنعُه على الصَّحيحِ؛ إذْ لا مُطالَبةَ في الحالِ، ولو استَنابَ المُوسِرُ مَنْ يَقضي دَينَه من مالٍ حاضِرٍ فله الخُروجُ، وإنْ أمَرَه بالقَضاءِ من مالٍ غائِبٍ فلا، ومَتى أذِنَ صاحِبُ الدَّينِ فله الخُروجُ ويَلتحِقُ بأصحابِ فَرضِ الكِفايةِ وفيه احتِمالٌ للإمامِ.

وإنْ كانَ الدَّينُ مُؤجَّلًا فله أنْ يَخرجَ في سَفرٍ لا يَغلِبُ فيه الخَطرُ على ما


(١) «الفتاوى الهندية» (٢/ ١٩٠)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٩٨)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٤٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ١٢٤، ١٢٥).
(٢) «التاج والإكليل» (٣/ ٣٤٩)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١١١)، و «الشرح الكبير» (٢/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>