للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَت المَسافةُ تُقصَرُ فيها الصَّلاةُ اعتُبِر مع ذلك الراحِلةُ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢)[التوبة: ٩٢] (١).

وقالَ الشافِعيةُ: ومنها الفَقرُ، فلا جِهادَ على مَنْ عجَزَ عن سِلاحٍ وأسبابِ القِتالِ، ويُشترطُ أنْ يَجِدَ نَفقةَ طَريقِه ذَهابًا ورُجوعًا؛ فإنْ لمْ يَكنْ له أهلٌ ولا عَشيرةٌ ففي اشتِراطِ نَفقةِ الرُّجوعِ وَجهانِ سبَقا في الحَجِّ؛ فإنْ كانَ القِتالُ على بابِ البَلدِ أو حَوالَيْه سقَطَ اشتِراطُ نَفقةِ الطَّريقِ، ويُشترطُ إيجادُ راحِلةٍ إنْ كانَ سَفرُه مَسافةَ القَصرِ.

ويُشترطُ كَونُ جَميعِ ذلك فاضِلًا عن نَفقةِ مَنْ يَلزمُه نَفقَتُه، ويُشترطُ سائرُ ما ذكَرْناه في الحَجِّ، وكلُّ عُذرٍ يَمنعُ وُجوبَ الحَجِّ يَمنعُ وُجوبَ الجِهادِ، إلا أمنَ الطَّريقِ؛ فإنَّه شَرطٌ هناك، ولا يُشترطُ هنا؛ لأنَّ مَبنى الغَزوِ على رُكوبِ المَخاوِفِ، هذا إنْ كانَ الخَوفُ من طَلائعِ الكُفارِ، وكذا لو كانَ من مُتلصِّصي المُسلِمينَ على الصَّحيحِ.

ولو بُذِل للفاقِدِ ما يَحتاجُ إليه لم يَلزمْه قَبولُه، إلا أنْ يَبذُلَه الإمامُ فيَلزمَه أنْ يَقبلَ ويُجاهِدَ؛ لأنَّ ما يُعطيه الإمامُ حقُّه.

ولا يَلزمُ الذِّميَّ الجِهادُ، والحاصِلُ أنَّ الجِهادَ لا يَجبُ إلا على مُسلمٍ بالِغٍ عاقِلٍ ذَكرٍ حرٍّ مُستَطيعٍ، ولا جِهادَ على رَقيقٍ (٢).


(١) «المغني» (٩/ ١٦٣).
(٢) «روضة الطالبين» (١٠/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>