للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِهذا قالَ رَجلٌ لابنِ عَباسٍ : «إنِّي نَذَرتُ أنْ أَغزوَ الرُّومَ، وإنَّ أَبوايَ مَنَعاني، فقالَ: أطِعْ أبوَيْك؛ فإنَّ الرُّومَ سَتجِدُ مَنْ يَغزوها غيرَك» (١).

ولأنَّ بِرَّ الوالِدَينِ فَرضُ عَينٍ، ولأنَّ الجِهادَ فَرضُ كِفايةٍ، ولأنَّ فَرضَ العَينِ يُقدَّمُ (٢).

وقالَ ابنُ عابدِين : ولا يأثَمانِ في مَنعِه وإلا لكانَ له الخُروجُ حتى يَبطُلَ عنهما الإثْمُ مع أنَّهما في سَعةٍ من مَنعِه إذا كانَ يَدخلُهما من ذلك مَشقةٌ شَديدةٌ (٣).

وأمَّا إنْ كانَ الأبَوانِ كافِرَينِ أو أحدُهما، فيَرى الشافِعيةُ والحَنابِلةُ أنَّه يَجوزُ أنْ يُجاهِدَ من غيرِ إذنِهما؛ لأنَّ أصحابَ رَسولِ اللهِ كانُوا يُجاهِدونَ وفيهم مَنْ له أبَوانِ كافِرانِ من غيرِ استِئذانِهما، منهم أبو بَكرٍ الصِّديقُ وأبو حُذيفةَ بنُ عُتبةَ بنِ رَبيعةَ كانَ مع النَّبيِّ وأبوه رَئيسُ المُشرِكينَ.

ولأنَّ الكافِرَ مُتهَمٌ في الدِّينِ بالمَنعِ من الجِهادِ لمَظِنتِه قَصدَ تَوهينِ الإسلامِ.

وقالَ الحَنفيةُ -وهو ما صرَّحَ باستِثنائِه بعضُ المالِكيةِ-: إنَّه لا يَخرجُ إلا بإذنِ الأبوَينِ الكافرَينِ أو أحَدِهما إذا كرِهَ خُروجَه مَخافةً ومَشقةً، وأمَّا


(١) رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٦/ ٥١٧) رقم (٣٣٤٥٩)، والمروزي في «البر والصلة» (٧١).
(٢) «المغني» (٩/ ١٧٠).
(٣) «حاشية ابن عابدين» (٤/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>