للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ النَّبيُّ : «لا هِجرةَ بعدَ الفَتحِ، ولكنْ جِهادٌ ونِيةٌ، وإذا استُنفِرتُم فانفِروا» (١). وذلك لأنَّ أمرَ الجِهادِ مَوكولٌ إلى الإمامِ واجتِهادِه، ويَلزمُ الرَّعيةَ طاعَتُه فيما يَراه مِنْ ذلك.

ونَصَّ المالِكيةُ على أنَّه يَتعيَّنُ الجِهادُ بتَعيينِ الإمامِ ولو لصَبيٍّ مُطيقٍ للقِتالِ أو امرأةٍ، وتَعيينُ الإمامِ هو إلجاؤُه إليه وجبْرُه عليه، كما يُلزَمُ بما فيه صَلاحُ حالِه، لا بمَعنى عِقابِه على تَركِه، فلا يُقالُ: إنَّ تَوجُّهَ الوُجوبِ للصَّبيِّ خَرقٌ للإجماعِ.

قالَ خَليلٌ : وتَعيَّنَ بفَجْءِ العَدوِّ، وإنْ على امرأةٍ أو عَبدٍ وعلى مَنْ بقُربِهم إنْ عجَزوا أو بتَعيينِ الإمامِ (٢).

قالَ الدُّسوقيُّ : «قَولُه: وبتَعيينِ الإمامِ» أي أنَّ كلَّ مَنْ عيَّنَه الإمامُ للجِهادِ؛ فإنَّه يَتعيَّنُ عليه، ولو كانَ صَبيًّا مُطيقًا للقِتالِ أو امرأةً أو عَبدًا أو وَلدًا أو مَدينًا، ويَخرُجونَ ولو منَعَهم الوَليُّ والزَّوجُ والسَّيدُ ورَبُّ الدِّينِ، والمُرادُ بتَعيينِه على الصَّبيِّ بفَجْءِ العَدوِّ، وبتَعيينِ الإمامِ إلجاؤُه عليه وجبْرُه عليه كما يُلزَمُ بما فيه إصلاحُ حالِه، لا بمَعنى عِقابِه على تَركِه … ، فلا يُقالُ: إنَّ تَوجُّهَ الوُجوبِ للصَّبيِّ خَرقٌ للإجماعِ (٣).


(١) رواه البخاري (٢٦٣١)، ومسلم (١٣٥٣).
(٢) «مختصر خليل» (١/ ١٠١).
(٣) «حاشية الدسوقي» (٢/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>