للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ تَعالى الذين أرادوا الرُّجوعَ إلى مَنازِلِهم يَومَ الأحزابِ فقالَ تَعالى: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ [لقمان: ١٣].

ولأنَّهم إذا جاءَ العَدوُّ صارَ الجِهادُ عليهم فَرضَ عَينٍ وجَبَ على الجَميعِ، فلم يَجزْ لأحدٍ التَّخلُّفُ عنه (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : وأمَّا قِتالُ الدَّفعِ فهو أشَدُّ أنواعِ دَفعِ الصائِلِ عن الحُرمةِ والدِّينِ، فواجِبٌ إجماعًا، فالعَدوُّ الصائِلُ الذي يُفسِدُ الدِّينَ والدُّنيا لا شَيءَ أوجَبَ بعدَ الإيمانِ من دَفعِه، فلا يُشترطُ له شَرطٌ بل يُدفَعُ بحسَبِ الإمكانِ (٢).

وقالَ في مَوضِعٍ آخَرَ: فأمَّا إذا أرادَ العَدوُّ الهُجومَ على المُسلِمينَ؛ فإنَّه يَصيرُ دَفعُه واجِبًا على المَقصودِينَ كلِّهم وعلى غيرِ المَقصودِينَ لإعانَتِهم، كما قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [الأنفال: ٧٢].

وكما أمَرَ النَّبيُّ بنَصرِ المُسلِمِ، وسَواءٌ أكانَ الرَّجلُ من المُرتزَقةِ للقِتالِ أو لم يَكنْ، وهذا يَجبُ بحسَبِ الإمكانِ على كل أحَدٍ بنَفسِه ومالِه مع القِلةِ والكَثرةِ والمَشيِ والرُّكوبِ، كما كانَ المُسلِمونَ لمَّا قصَدَهم العَدوُّ عامَ الخَندَقِ، ولم يَأذنِ اللهُ في تَركِه لأحدٍ كما


(١) «المغني» (٩/ ١٧٤)، و «الكافي» (٤/ ٢٥٤).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٦٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>