للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الكَمالُ بنُ الهُمامِ : فإنْ هجَموا على بَلدةٍ من بِلادِ المُسلِمينَ يَصيرُ من فُروضِ الأعيانِ، سَواءٌ كانَ المُستنفِرُ عَدلًا أو فاسِقًا، فيَجبُ على جَميعِ أهلِ تلك البَلدةِ النَّفرُ، وكذا مَنْ يَقرُبُ منهم، إنْ لم يَكنْ بأهلِها كِفايةٌ، وكذا مَنْ يَقرُبُ ممَّن يَقرُبُ إنْ لم يَكنْ بمَن يَقرُبُ كِفايةٌ، أو تَكاسَلوا أو عَصَوْا، وهكذا إلى أنْ يَجبَ على جَميعِ أهلِ الإسلامِ شَرقًا وغَربًا كجَهازِ المَيِّتِ والصَّلاةِ عليه يَجبُ أوَّلًا على أهلِ مَحلَّتِه فإنْ لم يَفعَلوا عَجزًا وجَبَ على مَنْ ببلَدِهم على ما ذكَرْنا (١).

وجاء في «المُغني» لابنِ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: «وواجِبٌ على الناسِ إذا جاءَ العَدوُّ أنْ يَنفِروا المُقِلُّ منهم والمُكثِرُ، ولا يَخرُجوا إلى العَدوِّ إلا بإذنِ الأميرِ إلا أنْ يَفجَأَهم عَدوٌّ غالِبٌ يَخافونَ كَلبَه فلا يُمكِنَهم أنْ يَستأذِنُوه».

قَولُه: «المُقِلُّ منهم والمُكثِرُ»، يَعني به -واللهُ أعلَمُ- الغَنيَّ والفَقيرَ، أي: المُقِلُّ من المالِ والمُكثِرُ منه. ومَعناه: أنَّ النَّفيرَ يَعُمُّ جَميعَ الناسِ ممَّن كانَ من أهلِ القِتالِ حينَ الحاجةِ إلى نَفيرِهم لمَجيءِ العَدوِّ إليهم، ولا يَجوزُ لأحدٍ التَّخلُّفُ إلا مَنْ يَحتاجُ إلى تَخلُّفِه لحِفظِ المَكانِ والأهلِ والمالِ، ومَن يَمنعُه الأميرُ من الخُروجِ أو مَنْ لا قُدرةَ له على الخُروجِ أو القِتالِ؛ وذلك لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [التوبة: ٤١]، وقَولِ النَّبيِّ : «وإذا استُنفِرتم فانفِروا» (٢)، وقد ذَمَّ


(١) «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٣٩).
(٢) رواه البخاري (٢٦٣١)، ومسلم (١٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>