للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ذَهب ثُلُثُ اللَّيلِ، فَلمَّا كانَتِ السَّادِسَةُ لَم يَقُم بِنَا، فَلمَّا كانَتِ الخَامِسَةُ قامَ بِنَا حتى ذَهب شَطرُ اللَّيلِ، فقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لو نَفَّلتنَا قِيَامَ هذه اللَّيلَةِ. قال: فقالَ: إِنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى مع الإِمَامِ حتى يَنصرِفَ، حُسِبَ له قِيَامُ لَيلَةٍ. قال: فَلمَّا كانَتِ الرَّابعَةُ لَم يَقُم، فَلمَّا كانَتِ الثَّالثَةُ جَمعَ أَهلَه وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ، فَقامَ بِنَا حتى خَشِينَا أَنْ يَفُوتنَا الفلَاحُ، قالَ: قُلتُ: مَا الفلَاحُ؟ قالَ: السُّحُورُ، ثم لَم يَقُم بِنَا بَقيَّةَ الشَّهرِ» (١).

وعنِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ قالَ: «قُمنَا مع رَسولِ اللهِ في شَهرِ رَمضَانَ لَيلَةَ ثَلاث وَعِشرِينَ، إلى ثُلُثِ اللَّيلِ الأَوَّلِ، ثم قُمنَا معه لَيلَةَ خَمسٍ وَعِشرِينَ إلى نِصفِ اللَّيلِ، ثم قُمنَا معه لَيلَةَ سَبعٍ وَعِشرِينَ حتى ظَننَّا أَلَّا نُدرِكَ الفلَاحَ»، وَكانُوا يُسمُّونَهُ السُّحُورَ (٢).

وقد واظَبَ الخُلَفاءُ الرَّاشِدونَ والمُسلِمونَ مِنْ زَمنِ عمرَ بنِ الخطَّابِ على صَلاةِ التَّراويحِ جَماعةً، وقد نُسِبت صَلاةُ التَّراويحِ إلى عمرَ ؛ لأنَّه هو الذي جَمعَ النَّاسَ فيها على إمامٍ واحدٍ، وهو أُبَيُّ بنُ كَعبٍ ، فكانَ يُصلِّيها بهم، فقد رَوى عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَبدٍ القارِيُّ قال: «خرَجتُ مع عمرَ بنِ الخطَّابِ لَيلَةً في رَمضَانَ إلى المَسجدِ، فإذا النَّاسُ أَوزَاعٌ مُتفرِّقُونَ، يُصلِّي الرَّجلُ لِنَفسِهِ، وَيُصلِّي الرَّجلُ فَيُصلِّي بِصَلاتِه الرَّهطُ، فقالَ عمرُ: إنِّي أَرَى لو جَمَعتُ هَؤُلَاءِ على قارِئٍ وَاحِدٍ، لَكانَ أَمثَلَ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٣٧٥)، والنسائي (١٣٦٤)، وأحمد في «المسند» (٥/ ١٥٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه النسائي (١٦٠٦)، وأحمد (٤/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>