الثانِي: أنْ يَدخُلَ الإمامُ دارَ الكُفرِ غازيًا بنَفسِه أو بجَيشٍ يُؤمِّرُ عليهم مَنْ يَصلُحُ لذلك، وأقلُّه مَرةٌ واحِدةٌ في كلِّ سَنةٍ، فإنْ زادَ فهو أفضَلُ، ويُستحَبُّ أنْ يَبدأَ بقِتالِ مَنْ يَلي دارَ الإسلامِ من الكُفارِ، فإنْ كانَ الخَوفُ من الأبعَدِينَ أكثَرَ بَدأَ بهم، ولا يَجوزُ إخلاءُ سَنةٍ عن جِهادٍ إلا لضَرورةٍ، بأنْ يَكونَ في المُسلِمينَ ضَعفٌ، وفي العَدوِّ كَثرةٌ ويُخافَ من ابتِدائِهم الاستِئصالُ، أو لعُذرٍ بأنْ يَعِزَّ الزادُ وعَلفُ الدَّوابِّ في الطَّريقِ فيُؤخَّرَ إلى زَوالِ ذلك أو يَنتظِرَ لَحاقَ مَددٍ أو يَتوقَّعَ إسلامَ قَومٍ فيَستميلَهم بتَركِ القِتالِ هذا ما نَصَّ عليه الشافِعيُّ وجَرى عليه الأصحابُ ﵏، وقالَ الإمامُ: المُختارُ عِندي في هذا مَسلَكُ الأُصوليِّينَ، فإنَّهم قالُوا: الجِهادُ دَعوةٌ قَهريةٌ، فيَجبُ إقامَتُه بحسَبِ الإمكانِ حتى لا يَبقَى إلا مُسلِمٌ أو مُسالِمٌ، وهو لا يَختصُّ بمَرةٍ في السَّنةِ، ولا يُعطِّلُ إذا أمكَنَت الزِّيادةُ.