للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقِينَ، وإنْ ضعُفَ أهلُ ثَغرٍ عن مُقاوَمةِ الكَفرةِ، وخِيفَ عليهم من العَدوِّ فعلى مَنْ وَراءَهم من المُسلِمينَ، على الأقرَبِ فالأقرَبِ أنْ يَنفِروا إليهم، ويُمدُّوهم بالسِّلاحِ والكُراعِ -الخَيلِ- والمالِ؛ لِما ذكَرْنا أنَّه فَرضٌ على الناسِ كلِّهم ممَّن هو مِنْ أهلِ الجِهادِ، لكنَّ الفَرضَ يَسقُطُ عنهم بحُصولِ الكِفايةِ بالبَعضِ، فما لم يَحصُلْ لا يَسقُطْ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : الجِهادُ يَنقسِمُ أيضًا إلى قِسمَينِ:

والقِسمُ الثانِي مِنْ واجِبِ الجِهادِ: فَرضٌ أيضًا على الإمامِ، إغزاءُ طائِفةٍ إلى العَدوِّ كلَّ سَنةٍ مَرةً، يَخرجُ معهم بنَفسِه أو يَخرجُ مَنْ يَثقُ به؛ ليَدعوَهم إلى الإسلامِ ويُرغِّبَهم ويَكفَّ أذاهُم، ويُظهِرَ دِينَ اللهِ عليهم ويُقاتِلَهم حتى يَدخُلوا في الإسلامِ أو يُعطوا الجِزيةَ، فإنْ أعطَوْها قبِلَها منهم، وإنْ أبَوْا قاتَلَهم، وفرَضَ على الناسِ بأموالِهم وأنفُسِهم الخُروجَ المَذكورَ حتى يَعلمَ أنَّ في الخارِجينَ مَنْ فيه كِفايةٌ بالعَدوِّ وقيامٌ به، فإذا كانَ ذلك سقَطَ الفَرضُ عن الباقِينَ، وكانَ الفَضلُ للقائِمينَ على القاعِدينَ أجرًا عظيمًا، وليسَ عليهم أنْ يَنفِروا كافةً (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : فلِلكُفارِ حالانِ: أحدُهما: يَكونونَ ببِلادِهم ففَرضُ كِفايةٍ إذا فعَلَه مَنْ فيهم كِفايةٌ سقَطَ الحَرَجُ عن الباقِينَ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٩٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ١٢٤)، و «المعونة» (١/ ٦٠١).
(٢) «الكافي» (١/ ٢٠٥).
(٣) «منهاج الطالبين» (١/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>