للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩]، فإذا كانَتِ المَيتةُ حَلالًا للمُضطرِّ إليها أكَلَ منها ما شاءَ، حتَّى يَجدَ غيرَها فتَحرمُ عليهِ، وهو قَولُ الحَسنِ.

قالَ الحَسنُ: «إذا اضطُرَّ إلى المَيتةِ أكَلَ منها قُوْتَه».

وقد قيلَ: «مَنْ تَغدَّى لم يَتعشَّ مِنها، ومَن تَعشَّى لم يَتغَدَّ منها.

وفي الحَديثِ المَرفوعِ: «متَى تَحلُّ لنا المَيتةُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: ما لم تَصطَبِحوا أو تَغتَبِقوا» (١)، والصَّبوحُ: الغَداءُ، والغَبوقُ: العَشاءُ ونحوُ هذا (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ : واتَّفقُوا على أنَّ المَيتةَ والدمَ ولَحمَ الخِنزيرِ حَلالٌ لمَن خَشيَ على نَفسِه الهَلاكَ مِنْ الجُوعِ ولم يَأكلْ في أمسِه شَيئًا ولم يَكنْ قاطِعَ طَريقٍ ولا مُسافِرًا سَفرًا لا يَحلُّ له.

واتَّفقُوا أنَّ مِقدارَ ما يَدفعُ به المَوتَ مِنْ ذلكَ حَلالٌ، واختَلفُوا في أكثَرَ وفي الخَمرِ للمُضطرِّ أيَحلُّ له ذلكَ أم لا؟ (٣).

وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقُوا على أنَّ للمُضطرِّ أنْ يَأكلَ المَيتةَ بمِقدارِ ما يُمسكُ رمَقَه إذا لم يَكنِ المَيتةُ لحمَ بَني آدمَ ولم يَجدِ المُضطرُّ غيرَها، فقالَ مالكٌ في المَشهورِ عنه وأحمَدُ: لا يَجوزُ له أكلُه، وقالَ أصحابُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ: يَجوزُ له ذلكَ.


(١) رواه أحمد (٢١٩٥١).
(٢) «الاستذكار» (٥/ ٣٠٦، ٣٠٧).
(٣) «مراتب الإجماع» ص (١٥١)، و «الإقناع في مسائل الإجماع» (٢٨١، ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>