وقالَ الأكثَرُ: لا ضَمانَ عليهِ إذا اضطُرَّ إلى ذلكَ (١).
وقالَ أيضًا: قالَ مالِكٌ: إنَّ أحسَنَ ما سُمعَ في الرَّجلِ يَضطرُّ إلى المَيتةِ أنه يَأكلُ منها حتَّى يَشبعَ ويَتزوَّدَ منها، فإنْ وجَدَ عنها غِنًى طرَحَها.
قالَ أبو عُمرَ: رَوى فُضيلُ بنُ عِياضٍ وأبو مُعاويةَ وسُفيانُ وشُعبةُ عن الأعمَشِ عن مُسلمٍ عن مَسروقٍ قالَ: «مَنْ اضطُرَّ إلى المَيتةِ والدمِ ولَحمِ الخِنزيرِ فلمْ يَأكلْ حتَّى ماتَ دخَلَ النارَ»، وهذا لَفظُ حَديثِ فُضيلِ ابنِ عِياضٍ.
واختَلفَ العُلماءُ في مِقدارِ ما يَأكلُ المُضطرُّ مِنْ المَيتةِ:
فقالَ مالِكٌ في «مُوطَّئه» ما ذكَرْنا، وعليهِ جَماعةُ أصحابِه.
وقالَ أبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وأصحابُهما: لا يَأكلُ المُضطرُّ مِنْ المَيتةِ إلا مِقدارَ ما يَسدُّ الرَّمقَ والنفسَ.
وحُجةُ هَؤلاءِ أنَّ المُضطرَّ إنما أُبيحَ له أكلُ المَيتةِ إذا خافَ على نَفسِه المَوتَ، فإذا أكَلَ منها ما يُزيلُ الخَوفَ فقدْ زالَتِ الضَّرورةُ وارتَفعَتِ الإباحةُ، فلا يَحلُّ أكلُها.