للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختَلفُوا هل يَجوزُ للمُضطرِّ أنْ يَأكلَ مِنْ المَيتةِ غيرَ مَيتةِ الآدَميِّ حتَّى يَشبعَ:

فقالَ أبو حَنيفةَ: لا يَشبعُ مِنها، وعن مالِكٍ وأحمَدَ رِوايتانِ: إحداهُما: يَجوزُ له الشِّبعُ، وزادَ مالِكٌ جَوازَ التَّزودِ مِنها، والأخرَى: مِقدارُ الجَوازِ مِنْ ذلكَ المُسبلةِ ولا يَنتهِي إلى الشبعِ، وعن الشافِعيِّ قَولانِ كالرِّوايتينِ.

واختَلفُوا فيما إذا وجَدَ المُضطرُّ مَيتةً غيرَ الآدَميِّ وطَعامًا للغيرِ ومالِكُ الطَّعامِ غائِبٌ:

فقالَ مالكٌ وأكثَرُ أصحابِ الشافِعيِّ وبَعضُ أصحابِ أبي حَنيفةَ: يَأكلُ مِنْ مالِ الغَيرِ بشَرطِ الضَّمانِ.

وقالَ أحمَدُ وبَقيةُ أصحابِ أبي حَنيفةَ وأصحابِ الشافِعيِّ: يَأكلُ مِنْ المَيتةِ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : أجمَعَتِ الأمَّةُ على أنَّ المُضطرَّ إذا لم يَجدْ طاهِرًا يَجوزُ له أكلُ النَّجاساتِ كالمَيتةِ والدمِ ولَحمِ الخِنزيرِ وما في مَعناها …

واتَّفقُوا على أنَّ المُضطرَّ إذا وجَدَ طاهِرًا يَملكُه لَزمَه أكلُه (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أجمَعَ العُلماءُ على تَحريمِ المَيتةِ حالَ الاختيارِ، وعلى إباحةِ الأكلِ منها في الاضطِرارِ، وكذلكَ سائِرُ المُحرَّماتِ، والأصلُ في هذا قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ


(١) «الإفصاح» (٢/ ٢٥٧، ٣٥٨)، و «أحكام القرآن» (١/ ١٦٠، ١٦١).
(٢) «المجموع» (٩/ ٣٧، ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>