للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نَفسِه الهَلاكَ مِنْ الجُوعِ والعَطشِ بمِقدارِ ما يَدفعُ المَوتَ عنهُ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣].

وأجمَعُوا على أنه يَحرمُ ما زادَ على الشَّبعِ.

إلا أنهُم اختَلفُوا هل له أنْ يَأكلَ حتَّى يَشبعَ أم لا؟

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأما المَيتةُ فحَلالٌ للمُضطرِّ على كلِّ حالٍ ما دامَ في حالِ الاضطِرارِ بإجماعٍ.

وكذلكَ أكلُه زرْعَ غيرِه، أو إطعامُ غيرِه في تِلكَ الحالِ له حَلالٌ، ولا يَحلُّ لمَن عرَفَ حالَه تِلكَ أنْ يَتركَه يَموتُ وعندَه ما يُمسِكُ به رمَقَه، فإنْ كانَ واحِدًا تعيَّنَ ذلكَ عليهِ، وإنْ كانُوا جَماعةً كانَ قِيامُه به تِلكَ اللَّيلةِ أو اليومِ واللَّيلةِ فَرضًا على جَماعتِهم، فإنْ قامَ به مَنْ قامَ منهُم سقَطَ ذلكَ الفَرضُ عنهُم.

ولا يَحلُّ لمَن اضطُرَّ أنْ يَكفَّ عمَّا يُمسِكُ رمَقَه فيَموتَ، وفي مثلِ هذا قالَ مَسروقٌ: إنْ اضطرَّ إلى المَيتةِ ولم يَأكلْها وماتَ دخَلَ النارَ، فهو فَرضٌ عليهِ وعلى غيرِه فيهِ.

وهذا الذي وصَفْتُ لكَ عليهِ جَماعةُ العُلماءِ مِنْ السَّلفِ والخَلفِ، وباللهِ التَّوفيقُ.

إلا أنهُم اختَلفُوا فيمَن أكَلَ شَيئًا له بالٌ وقيمةٌ مِنْ مالِ غيرِه وهو مُضطرٌّ، هل عليهِ ثَمنُ ذلكَ أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>