وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: (وكُلُّ ذِي مِخلبٍ مِنْ الطَّيرِ، وهي التي تُعلِّقُ بمَخالبِها الشيءَ وتَصيدُ بها).
هذا قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، وبه قالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرأيِ، وقالَ مالِكٌ واللَّيثُ والأوزاعِيُّ ويَحيَى بنُ سَعيدٍ: لا يَحرمُ مِنْ الطَّيرِ شَيءٌ، قالَ مالِكٌ: لم أَرَ أحَدًا مِنْ أهلِ العِلمِ يَكرهُ سِباعَ الطَّيرِ، واحتَجُّوا بعُمومِ الآياتِ المُبيحةِ وقُولِ أبي الدَّرداءِ وابنِ عبَّاسٍ: «ما سكَتَ اللهُ عنه هو ممَّا عفَا عنهُ».
ولنا: ما رَوى ابنُ عبَّاسٍ قالَ «نَهَى رَسولُ اللهِ ﷺ عن كُلِّ ذِي نابٍ مِنْ السِّباعِ وكُلِّ ذِي مِخلبٍ مِنْ الطَّيرِ»، وعن خالدِ بنِ الوَليدِ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «حَرامٌ عَليكُم الحُمرُ الأهليَّةُ وكلُّ ذِي نابٍ مِنْ السِّباعِ وكلُّ ذِي مِخلبٍ مِنْ الطَّيرِ»، رَواهُما أبو داودَ، وهذا يُخِصُّ عُمومَ الآياتِ ويُقدَّمُ على ما ذَكَروهُ، فيَدخلُ في هذا كُلُّ ما له مِخلبٌ يَعدُو به كالعُقابِ والبازِي والصَّقرِ والشاهينِ والباشقِ والحِدأةِ والبُومةِ وأشباهِها.
فَصلٌ: ويَحرمُ منها ما يَأكلُ الجِيفَ كالنُّسورِ والرَّخمِ وغُرابِ البَينِ -وهو أكبَرُ الغِربانِ- والأبقَعِ، قالَ عُروةُ: «ومَن يَأكلُ الغُرابَ وقد سَمَّاهُ رَسولُ اللهِ ﷺ فاسِقًا، واللهِ ما هو مِنْ الطيِّباتِ»، ولعَلَّه يَعني قَولَ النبيِّ ﷺ: «خَمسٌ فَواسِقُ يُقتَلنَ في الحِلِّ والحَرمِ: الغُرابُ والحِدَأةُ والفَأرةُ والعَقربُ والكَلبُ العَقورُ»، فهذهِ الخَمسُ مُحرَّمةٌ؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ أباحَ قتْلَها في الحَرمِ، ولا يَجوزُ قَتلُ صَيدٍ مَأكولٍ في الحَرمِ، ولأنَّ ما يُؤكلُ لا يَحلُّ قَتلُه إذا قُدرَ عليهِ، وإنما يُذبَحُ ويُؤكلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute