للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأكلُه حَلالٌ، رَوى سَفينةُ مَولَى رَسولِ اللهِ قالَ: «أكلْتُ مع رَسولِ اللهِ لَحمْ حُبارَى».

ويُقاسُ على أصلِه هذهِ الأقسامِ الثَّلاثةِ ما في نَظائرِها، فمِن ذلكَ الهُدهدُ أكلُه حَرامٌ، وقد ورَدَ الخبَرُ بالنَّهيِ عنه، وكذلكَ الشَّقرانُ والعَقعقُ؛ ولأنها مُستخبَثةٌ عندَ العَربِ.

فأما الغُرابُ فأكلُه حَرامٌ، الأسوَدُ منه والأبقَعُ سَواءٌ،. وحُكيَ عن الشَّعبيِّ أنه أباحَ أكْلَه، وقالَ في دَجاجةٍ: ما أسمَنَها؟

وقالَ آخَرونَ: «يُؤكلُ منه الأسوَدُ دُونَ الأبقَعِ»، وهذا خَطأٌ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ أباحَ قتْلَه في الحِلِّ والحَرمِ، وقد رَوى هِشامُ بنُ عُروةَ عن أبيهِ عن عائِشةَ أنها قالَتْ: «إنِّي لَأعجَبُ ممَّن يَأكلُ الغُرابَ، وقد أَذِنَ النبيُّ في قَتلِه للمُحرِمِ وسمَّاهُ فاسِقًا، واللهِ ما هو مِنْ الطيِّباتِ» وما يُشبهُ الغُرابَ وليسَ بغُرابٍ الزَّاغُ والغُدَافُ، فأمَّا الزاغُ فهو غُرابُ الزَّرعِ، وأما الغُدَافُ فهوَ أصغَرُ منه أغبَرُ اللَّونِ كالرَّمادِ، ولأصحابِنا في إباحَةِ أكلِها وَجهانِ:

أحَدُهما: أنَّ أكْلَها حَرامٌ؛ لشَبهِها بالغُرابِ وانطِلاقِ اسمِه عليهَا.

والوَجهُ الثَّاني: وبه قالَ أبو حَنيفةَ: أنَّ أكْلَها حَلالٌ؛ لأنهُما يَلقُطانِ الحَبَّ ويَأكلانِ الزَّرعَ ولَحمُهما مُستَطابٌ.

وكُلُّ طائرٍ حَرُمَ أكلُ لَحمِه حَلَّ أكلُ بَيضِه (١).


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ١٤٤، ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>