للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكَريمةَ تبيَّنَ له اندِفاعُ هذا السُّؤالِ؛ فإنه إنما حرَّمَ ما اشتَملَ على الوَصفينِ: أنْ يَكونَ له نابٌ، وأنْ يكونَ مِنْ السِّباعِ العادِيَةِ بطَبعِها كالأسَدِ والذِّئبِ والنَّمرِ والفَهدِ، وأما الضَّبعُ فإنَّما فيها أحَدُ الوَصفينِ: وهو كَونُها ذاتُ نابٍ، وليسَتْ مِنْ السِّباعِ العاديَةِ، ولا رَيبَ أنَّ السِّباعَ أخَصُّ مِنْ ذَواتِ الأنيابِ، والسَّبعُ إنما حُرِّمَ لِما فيه مِنْ القُوةِ السَّبُعيةِ التي تُورثُ المُغتذِّي بها شبَهَها؛ فإنَّ الغاذِيَ شَبيهٌ بالمُغتذِّي، ولا رَيبَ أنَّ القُوةَ السبُعيةَ التي في الذِّئبِ والأسَدِ والنَّمرِ والفَهدِ ليسَتْ في الضَّبعُ حتى تَجبَ التَّسويةُ بينَهُما في التَّحريمِ، ولا تُعَدُّ الضبعُ مِنْ السِّباعِ لُغةً ولا عُرفًا، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : واختَلفُوا في الضَّبعِ والثَّعلبِ:

فقالَ أبو حَنيفةَ لا يَحلُّ أكلُهُما، وقالَ مالكٌ والشافِعيُّ: هُما مُباحانِ.

وقالَ أحمَدُ: الضَّبعُ مُباحٌ رِوايةً واحِدةً.

وفي الثَّعلبِ رِوايتانِ: إحداهُما: تَحريمُه، وهيَ التي اختارَها الخَلَّالُ، والأُخرى: إباحَتُه، وهيَ اختِيارُ عبدِ العَزيزِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأما المُحرَّماتُ لعَينِها المُختلَفُ فيها فأربَعةٌ: أحَدُها: لُحومُ السِّباعِ مِنْ الطَّيرِ ومِن ذَواتِ الأربَعِ …

فرَوى ابنُ القاسِمِ عن مالكٍ أنها مَكروهةٌ، وعلى هذا القَولِ عوَّلَ جُمهورُ أصحابِه، وهو المَنصورُ عِندَهم، وذكَرَ مالكٌ في «المُوطَّأ» ما


(١) «إعلام الموقعين» (٢/ ١٣٤، ١٣٦).
(٢) «الإفصاح» (٢/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>