للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَليلُه أنها عندَه مُحرَّمةٌ؛ وذلكَ أنه قالَ بعَقبِ حَديثِ أبي هُريرةَ عن النبيِّ أنه قالَ: «أكلُ كلِّ ذِي نابٍ مِنْ السِّباعِ حَرامٌ»: وعلى ذلكَ الأمرُ عندَنا، وإلى تَحريمِها ذهَبَ الشافِعيُّ وأشهَبُ وأصحابُ مالِكٍ وأبو حَنيفةَ.

إلا أنهُم اختَلفُوا في جِنسِ السِّباعِ المُحرَّمةِ:

فقالَ أبو حَنيفةَ: كلُّ ما أكَلَ اللَّحمَ فهو سَبعٌ، حتَّى الفيلُ والضَّبعُ واليَربوعُ عندَه مِنْ السِّباعِ، وكذلكَ السُّنورُ.

وقالَ الشافِعيُّ: يُؤكلُ الضَّبعُ والثعلبُ، وإنما السِّباعُ المُحرَّمةُ التي تَعدُو على الناسِ كالأسَدِ والنَّمرِ والذِّئبِ.

وكلا القَولينِ في المَذهبِ، وجُمهورُهم على أنَّ القِردَ لا يُؤكلُ ولا يُنتفعُ بهِ، وعندَ الشافِعيِّ أيضًا أنَّ الكَلبَ حَرامٌ لا يُنتفعُ به؛ لأنه فَهِمَ مِنْ النهيِ عن سُؤرِه نَجاسةَ عَينِه.

وسَببُ اختِلافِهم في تَحريمِ لُحومِ السِّباعِ مِنْ ذَواتِ الأربَعِ مُعارَضةُ الكِتابِ للآثارِ؛ وذلكَ أنَّ ظاهِرَ قولِه: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ [الأنعام: ١٤٥] الآيَة: أنَّ ما عَدَا المَذكورَ في هذهِ الآيةِ حَلالٌ.

وظاهِرُ حَديثِ أبي ثَعلبةَ الخُشنيِّ أنه قالَ: «نهَى رَسولُ اللهِ عن أكلِ كُلِّ ذِي نابٍ مِنْ السِّباعِ» أنَّ السِّباعَ مُحرَّمةٌ، هكذا رَواهُ البُخاريُّ ومُسلمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>