للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُخبرُنِي أنَّ فيها سُمًّا» (١)، ولولا أنَّ ذَبائحَهم حَلالٌ لَما تَناولَ مِنْ تلكَ الشاةِ.

وثبَتَ في الصَّحيحِ: «أنهُم لمَّا غَزَوا خَيبَرَ، أخَذَ بعضُ الصحابةِ جِرَابًا فيه شَحمٌ، قالَ: قُلتُ: لا أُطعِمُ اليَومَ مِنْ هذا أحَدًا، فالتَفَتَ فإذا رَسولُ اللَّهِ يَضحكُ ولم يُنكِرْ عليهِ»، وهذا ممَّا استَدلَّ به العُلماءُ على جَوازِ أكلِ جَيشِ المُسلمينَ مِنْ طَعامِ أهلِ الحَربِ قبلَ القِسمةِ.

وأيضًا: «فإنَّ رَسولَ اللهِ أجابَ دَعوةَ يَهوديٍّ إلى خُبزِ شَعيرٍ وإِهالةٍ سَنِخةٍ» (٢) رواهُ الإمامُ أحمَدُ، و «الإِهالةُ» مِنْ الوَدَكِ الذي يَكونُ مِنْ الذَّبيحةِ مِنْ السَّمنِ ونَحوِه الذي يكونُ في أَوعيَتِهم التي يَطبخونَ فيها في العادةِ …

وأيضًا: فقدِ استَفاضَ أنَّ أصحابَ رَسولِ اللهِ لمَّا فَتَحوا الشامَ والعِراقَ ومِصرَ كانوا يَأكلونَ مِنْ ذَبائحِ أهلِ الكِتابِ اليَهودِ والنَّصارَى.

المأخَذُ الثاني: الإنكارُ على مَنْ يَأكلُ ذَبائحَ أهلِ الكِتابِ هو كَونُ هَؤلاءِ المَوجودينَ لا يُعلَمُ أنهُم مِنْ ذُريةِ مَنْ دخَلَ في دِينِهم قبلَ النَّسخِ والتَّبديلِ، وهو المَأخذُ الذي دَلَّ عليهِ كَلامُ السائلِ، وهو المَأخذُ الذي تَنازعَ فيهِ عُلماءُ المُسلمينَ أهلُ السُّنةِ والجَماعةِ، وهذا مَبنيٌّ على أصلٍ، وهو أنَّ قولَه تعالَى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥] هلِ المُرادُ به


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٥١٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (١٣٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>