للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : قالَ الشافِعيُّ: «ولو ذبَحَها مِنْ قَفاها فإنْ تَحرَّكتْ بعدَ قَطعِ الرأسِ أُكلَتْ، وإلا لم تُؤكلْ».

قالَ الماوَرديُّ: ذَبحُ الشاةِ مِنْ القفَا مَكروهٌ، وإنما كَرِهناهُ لأمرَينِ: أحَدُهما: لِما فيه مِنْ تَعذيبِها، والثاني: لِما يُخافُ مِنْ مَوتِها قبلَ الوُصولِ إلى ذَكاتِها، فإنْ فعَلَ لم يَخلُ حَالُها مِنْ ثَلاثةِ أقسامٍ:

أحَدُها: أنْ يُعلمَ مَوتُها بقَطعِ القَفَا قبلَ وُصولِ السكِّينِ إلى قَطعِ الحُلقومِ والمَريءِ، فتَكونُ مَيتةً لا تُؤكَلُ، وكذلكَ لو بَقيتْ فيها عندَ وُصولِ السكِّينِ إلى قَطعِ الحُلقومِ والمَريءِ حَياةٌ غيرُ مُستقرةٍ لحَياةِ المَذبوحِ لم تُؤكلْ، وإنما كانَ كذلكَ لأنَّ الذَّكاةَ لا تُستباحُ إلا بقَطعِ الحُلقومِ والمَريءِ، وقَطعُ قَفاها يَجرِي في فَواتِ نَفسِها مَجرَى كسرِ صُلبِها وبَقرِ بَطنِها، ولا تَحصلُ به ذَكاةٌ وإنْ وَحى.

والقِسمُ الثاني: إنْ قطَعَ حُلقومَها ومَريئَها فهذهِ ذَكيَّةٌ تُؤكلُ، وقالَ مالِكٌ وأحمَدُ بنُ حَنبلٍ: هيَ مَيتةٌ لا تُؤكلُ، وقالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ: إنْ فعَلَ ذلكَ عَمدًا لم تُؤكلْ، وإنْ فعَلَه سَهوًا أُكلَتْ؛ احتِجاجًا بأنَّ قطْعَ القَفا مُوحٍ، والذكاةُ بعدَ التَّوحيةِ لا تَصحُّ، كالتي أخرَجَ السَّبعُ حَشوتَها.

ودَليلُنا هو أنَّ ما كانَتْ حَياتُه مُستقِرةٌ وإنْ لم تَدُمْ صَحَّتْ ذكاتُه

<<  <  ج: ص:  >  >>