للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ سَعيدُ بنُ المُسيبِ ورَبيعةُ واللَّيثُ بنُ سَعدٍ ومالكٌ: لا يَحلُّ إلا بذَكاتِه في مَوضعِ الذَّبحِ، وهو الحَلقُ واللَّبةُ، ولا يَتغيرُ مَوضعُ الذَّكاةِ بتَوحُّشِه وتَردِّيهِ.

دَليلُنا حَديثُ رافعِ بنِ خَديجٍ السابقُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإذا نَدَّ بَعيرٌ فلمْ يَقدرْ عليهِ فرَماهُ بسَهمٍ أو نحوِه مما يَسيلُ به دَمُه فقتَلَه أُكلَ).

وكذلكَ إنْ تَردَّى في بِئرٍ فلمْ يَقدرْ على تَذكيتِه فجرَحَه في أيِّ مَوضعٍ قدَرَ عليهِ فقتَلَه أُكلَ، إلا أنْ تَكونَ رأسُه في الماءِ فلا يُؤكلُ؛ لأنَّ الماءَ يُعِينُ على قَتلِه، هذا قَولُ أكثرِ الفُقهاءِ، رُويَ ذلكَ عن عليٍّ وابنِ مَسعودٍ وابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ وعائِشةَ ، وبه قالَ مَسروقٌ والأسوَدُ والحَسنُ وعَطاءٌ وطاوسٌ وإسحاقُ والشَّعبيُّ والحكَمُ وحمَّادٌ والثوريُّ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ.

وقالَ مالِكٌ: لا يَجوزُ أكلُه إلا أنْ يُذكَّى، وهو قَولُ رَبيعةَ والليثِ، قالَ أحمَدُ: لَعلَّ مالِكًا لم يَسمعْ حَديثَ رافعِ بنِ خَديجٍ.

واحتُجَّ لمالكٍ بأنَّ الحيَوانَ الإنسيَّ إذا توحَّشَ لم يَثبتْ له حُكمُ الوَحشيِّ؛ بدَليلِ أنه لا يَجبُ على المُحرِمِ الجَزاءُ بقَتلِه، ولا يَصيرُ الحِمارُ الأهليُّ مُباحًا إذا توحَّشَ.


(١) «المجموع» (٩/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>