للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تَوحَّشَ أو صارَ في معنَى الوَحشيِّ مِنْ الامتناعِ، أنْ يَحلَّ بما يَحلُّ به الوَحشيُّ.

وحُجةُ مالكٍ أنهُم قد أجمَعُوا أنه لو لم يَندَّ الإنسِيُّ أنه لا يُذكَّى إلا بما يُذكَّى به المَقدورُ عليهِ، ثمَّ اختَلفُوا، فهو على أصلِه حتَّى يتَّفِقوا.

وهذا لا حُجةَ فيه؛ لأنَّ إجماعَهُم إنما انعَقدَ على مَقدورٍ عليهِ، وهذا غيرُ مَقدورٍ عليهِ (١).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : لو رمَى حَيوانًا غيرَ مَقدورٍ عليهِ فصارَ مَقدورًا فأصابَ غيرَ المَذبحِ لم يَحلَّ، ولو رَمى مَقدورًا عليهِ فصارَ غيرَ مَقدورٍ عليهِ فأصابَ غيرَ مَذبحَه حَلَّ.

فَرعٌ في مَذاهبِ العُلماءِ فيمَا إذا تَوحَّشَ الحيَوانُ الإنسيُّ المأكولُ فلم يَقدرْ عليهِ كالبَعيرِ النادِّ أو الشاةِ أو البَقرةِ، أو تَردَّى في بئرٍ وعجَزَ عن عَقرِه في مَحلِّ الذَّكاةِ.

فمَذهبُنا أنَّ كلَّ مَوضعٍ مِنْ بَدنِه مَحلٌّ لذَكاتِه، فحَيثُ جرَحَه فقتَلَه حَلَّ أكلُه، وبه قالَ جُمهورُ العُلماءِ، منهُم عليُّ بنُ أبي طالبٍ وابنُ مَسعودٍ وابنُ عُمرَ وابنُ عبَّاسٍ وطاوسٌ وعطاءٌ والشَّعبيُّ والحَسنُ البَصريُّ والأسودُ بنُ يَزيدَ والحَكمُ وحمَّادٌ والنخَعيُّ والثوريُّ وأبو حَنيفةَ وأحمَدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ والمُزنِيُّ وداودُ.


(١) «الاستذكار» (٥/ ٢٦٨، ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>