قالَ أبو عُمرَ: اختَلفَ العُلماءُ في هذهِ المَسألةِ، وهي البَهيمةُ الدَّاجنُ تَستوحِشُ والبَعيرُ يَشردُ:
فقالَ مالِكٌ ورَبيعةُ والليثُ بنُ سَعدٍ: لا يُؤكَلُ إلا أنْ يَنحرَ البَعيرَ أو يَذبحَ ما يُذبحُ مِنْ ذلكَ.
وقالَ الثَّوريُّ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ: إذا لم يَقدرْ على ذَكاةِ البَعيرِ الشاردِ فإنه يُقتلُ كالصَّيدِ، ويكونُ بذلكَ مُذكًّى.
قالَ أبو عُمرَ: هذا القَولُ أظهَرُ في أهلِ العِلمِ؛ لحَديثِ رافعِ بنِ خَديجٍ قالَ:«نَدَّ لنا بَعيرٌ فرَماهُ رَجلٌ بسَهمٍ فحبَسَه، فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: إنَّ لهذهِ البَهائمِ أوابِدَ كأوابِدِ الوَحشِ، فما غلَبَكم منها فاصنَعُوا به هَكذا وكُلُوا»، رواهُ سَعيدُ بنُ مَسروقٍ عن عَبايةَ بنِ رِفاعةَ عن رافعِ بنِ خَديجٍ عن النبيِّ ﷺ.
وروَى الثَّوريُّ عن حَبيبِ بنِ أبي ثابتٍ قالَ:«جاءَ رَجلٌ إلى عليٍّ ﵁ فقالَ: إنَّ بَعيرًا لي نَدَّ فطَعنْتُه برُمحِي، فقالَ عليٌّ: اهْدِ لي عَجُزَه».
ورَوى إسرائيلُ عن سِماكِ بنِ حَربٍ عن عِكرمةَ عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ:«إذا نَدَّ البَعيرُ فارْمِهِ بسَهمِكَ واذكُرِ اسمَ اللهِ»، وعنِ ابنِ مَسعودٍ مَعناهُ.
ومَعمرٌ عن طاوسٍ عن أبيهِ في البَهيمةِ تَستوحِشُ قالَ: هي صَيدٌ، أو قالَ: هي بمَنزلةِ الصَّيدِ.
قالَ أبو عُمرَ: مِنْ جِهةِ القِياسِ لمَّا كانَ الوَحشيُّ إذا قُدرَ عليهِ لم يَحلَّ إلا بما يَحلُّ به الإنسِيُّ؛ لأنه صارَ مَقدورًا عليهِ؛ فكذلكَ ينبغِي في الإنسِيِّ