للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ ناجِي في شَرحِه: يُريدُ إلا أنْ يُضطرَّ فيَتَّخذَه حتى يَزولَ المانعُ، ويُذكَرُ أنَّ أبا مُحمدٍ ابنَ أبي زَيدٍ -صاحِبَ «الرِّسالَة» - وقَعَ له حائِطٌ مِنْ دارِه وكانَ يَخافُ على نَفسِه مِنْ الشِّيعةِ، فاتَّخذَ كَلبًا لذلكَ، فقيلَ له في ذلكَ فقالَ: لو أدرَكَ مالكٌ زمَنَنا لَاتَّخذَ أسَدًا ضارِيًا (١).

وقالَ الإمامُ النَّفراويُّ في شَرحِه للرِّسالةِ: (ولا) يَحِلُّ أنْ (يُتَّخذَ) بالبِناءِ للمَجهولِ (كَلبٌ في الدُّورِ) الكائِنةِ (في الحَضرِ، ولا في دُورِ البادِيةِ)، ولعَلَّ المُرادَ بعَدمِ الحِلِّ الكَراهةُ، إلا أنْ يَكونَ عَقورًا فيَحرمُ، (وإلا) أنْ يُتَّخذَ (لزَرعٍ) أو غيرِه مما يَحتاجُ للحِراسةِ، (أو) إلا أنْ يُتَّخذَ لحِراسةِ (ماشِيةٍ يَصحبُها في الصَّحراءِ ثمَّ يَروحُ) أي يَرجعُ (معَها) لحراستِها مِنْ اللُّصوصِ في الطريقِ أو في المَبيتِ، (أو) أي: أو إلَّا أنْ تُتَّخذَ (لصَيدٍ يَصطادُه لعَيشِه) أو عَيشِ عِيالِه، فلا حرَجَ في اتِّخاذِه لواحِدٍ مِنْ هَذهِ الثَّلاثِ، ولكنْ اختُلفَ هل يَتقيَّدُ الجَوازُ بزَمنِ هذهِ المَذكوراتِ ويُطلَبُ إخراجُها مِنْ حَوزِه بعدَ الاستِغناءِ عنها؟ أو الجَوازُ غيرُ مُقيَّدٍ؟ قَولانِ، والمُرادُ بالماشِيةِ الغَنمُ، وكذا غيرُها إنِ احتاجَتْ إلى الحِراسةِ، (لا للَّهوِ) فيُكرَهُ؛ لِما تقدَّمَ مِنْ أنَّ الصَّيدَ تَعتريهِ الأحكامُ الخَمسةِ، يَجبُ لقُوتِه وقُوتِ مَنْ تَلزمُه نَفقتُه إنْ لم يُمكنْ إلا مِنْ الصَّيدِ، ويَحرمُ اصطِيادُ المأكولِ لا بنيَّةِ الذَّكاةِ، ويُندَبُ إذا كانَ للتَّوسعةِ، ويُكرَهُ إذا كانَ لمُجرَّدِ اللهوِ، ويُباحُ فيما عدا ذلكَ كأنَ يَشتري به فاكِهةً ونحوَها مِنْ كُلِّ مُباحٍ.


(١) «شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة» (٢/ ٤٨٩)، و «شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني» (٥/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>