للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : ورَدَ هذا الحَديثُ بالتَّرخيصِ لأحَدِ ثَلاثةِ أشياءَ وهيَ: الزَّرعُ والماشِيةُ والصَّيدُ، وهذا جائِزٌ بلا خِلافٍ (١).

إلا أنهُم اختَلفُوا في غَيرِ هذهِ الأنواعِ الثَّلاثةِ، هل يَحرمُ أم يُكرَهُ أم يُباحُ؟ وهل يَجوزُ اقتِناؤُه لمَنفعةٍ غيرِ هذهِ الثلاثةِ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى جَوازِ اقتناءِ الكَلبِ لصَيدٍ أو لحِفظِ الزَّرعِ أو المَواشي أو البُيوتِ أو لأيِّ شَيءٍ جائزٌ، ويُكرَهُ إذا لم يَكنْ لمَنفعةٍ.

قالَ الإمامُ مُحمدُ بنُ الحَسنِ: يُكرَهُ اقتِناءُ الكَلبِ لغيرِ مَنفعةٍ، فأما كَلبُ الزَّرعِ أو الضَّرعِ أو الصَّيدِ أو الحَرسِ فلا بأسَ به (٢).

وأما ما ورَدَ مِنْ النهيِ عن اقتِنائِه فإنَّ هذا قالَه النبيُّ في الحالِ التي شدَّدَ في أمرِ الكِلابِ؛ لأنه قَدِمَ المدينةَ وقد أَلِفُوها وخالَطَتْ بُيوتَهم، فشدَّدَ فيها حتى حسَمَ المادَّةَ، ثمَّ خَفَّ حُكمُها (٣).

وقالَ المالِكيةُ -كما في «الرِّسالَة» لابنِ أبي زَيدٍ القَيروانِيِّ : لا يُتَّخذُ كَلبٌ في الدُّورِ في الحَضرِ ولا في دُورِ الباِديةِ إلا لزَرعٍ أو ماشِيةٍ يَصحَبُها في الصَّحراءِ ثمَّ يَروحُ معَها أو لصَيدٍ يَصطادُه لعَيشِه لا للَّهوِ (٤).


(١) «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٨٦).
(٢) «الموطأ» (٣/ ٣٦١).
(٣) «التجريد» للقدوري (٥/ ٢٦٢٥)، و «الهداية» (٣/ ٧٩)، و «فتح باب العناية بشرح النقاية» (٤/ ١٨٨)، و «البناية شرح الهداية» (٨/ ٣٨٢).
(٤) «الرسالة» ص (١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>