ولا فصْلَ بينَ ما لهُ شَبهٌ في البَرِّ وبينَ ما لا شبَهَ له في جَوازِ أكلِه مِثلَ كَلبِ الماءِ وخِنزيرِه وغيرِ ذلكَ مِنْ أنواعِ صُورِه؛ لعُمومِ الظَّواهرِ، ولأنه مِنْ صَيدِ البَحرِ كالذي لا شبهَ له، ولا يَحتاجُ شَيءٌ منهُ إلى ذَكاةٍ، وهو حَلالٌ حَيًّا ومَيتًا (١).
وقالَ الشافِعيةُ: الحيَوانُ الذي لا يُهلِكُه الماءُ ضَربانِ:
أحَدُهما: ما يَعيشُ في الماءِ وإذا خرَجَ منهُ كانَ عَيشُه عَيشَ المَذبوحِ كالسَّمكِ بأنواعِه فهو حَلالٌ، ولا حاجَةَ إلى ذَبحِه بلا خِلافٍ، بل يَحلُّ مُطلَقًا سَواءٌ ماتَ بسَببٍ ظاهرٍ كضَغطةٍ أو صَدمةِ حَجرٍ أو انحِسارِ ماءٍ أو ضَربٍ مِنْ الصيَّادِ أو غيرِه أو ماتَ حَتْفَ أنفِه، سَواءٌ طَفَا على وَجهِ الماءِ أم لا، وكلُّه حَلالٌ بلا خِلافٍ.
وأما ما ليسَ على صُورةِ السُّموكِ المَشهورةِ ففيهِ ثَلاثةُ أوجُهٍ مَشهورةٍ:
أصَحُّها عندَ الأصحابِ: يَحلُّ الجَميعُ، وهو المَنصوصُ للشافِعيِّ في «الأُم» و «مُختصَر المُزَني» و «اختِلاف العِراقيينَ»؛ لأنَّ الصَّحيحَ أنَّ اسمَ السَّمكِ يَقعُ على جَميعِها، وقدْ قالَ اللهُ تعالَى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ﴾ [المائدة: ٩٦]، قالَ ابنُ عبَّاسٍ وغَيرُه:«صَيدُه ما صِيدَ، وطَعامُه ما قذَفَ»، ولقَولِه ﷺ في الحَديثِ الصَّحيحِ:«هو الطَّهورُ ماؤُه الحِلُّ مَيتتُه».
(١) «الاستذكار» (٥/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «التمهيد» (١٦/ ٢٢٣)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٣٧٥، ٣٧٦)، و «المعونة» (١/ ٤٦١).