للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخَذَ ضِلعًا مِنْ أضلاعِه فأقامَها ثمَّ رحَلَ أعظَمَ بَعيرٍ مَعنَا فمَرَّ مِنْ تَحتِها، وتَزوَّدْنا مِنْ لَحمِه وَشائقَ، فلمَّا قَدِمْنا المَدينةَ أتَينَا رَسولَ اللهِ فذكَرْنا ذلكَ له فقالَ: هو رِزقٌ أخرَجَه اللهُ لكم، فهَل مَعكُم مِنْ لَحمِه شيءٌ فتَطعِمُونَا؟ قالَ: فأرسَلْنا إلى رَسولِ اللهِ منهُ فأكَلَه» (١)، فدَلَّ هذا الخبَرُ على أمرَينِ:

أحدَهُما: إباحةُ أكلِ الطَّافي، والثاني: إباحَةُ أكلِ دَوابِّ البَحرِ وإنْ لم يَكنْ حُوتًا.

ولأنَّ كلَّ حيَوانِ استَغنَى عن الذَّكاةِ في إباحتِه استغنى في مَوتِه كالجَرادِ؛ ولأنَّ ما حَلَّ أكلُه قبلَ الظَّفرِ حَلَّ أكلُه بعدَ الظَّفرِ كالمُذكَّى.

وعن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «أشهَدُ على أبي بَكرٍ أنه قالَ: السَّمكةُ الطافِيةُ فيه حَلالٌ لمَن أرادَ أكْلَها» رَواهُ البَيهقيُّ بإسنادٍ صَحيحٍ، وروَى البَيهقيُّ بإسنادِه عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ عن علي بنِ أبي طالبٍ قالَا: «الجَرادُ والنُّونُ زَكيٌّ كلُّه»، وعن أبي أيُّوبَ وأبي صرمةَ الأنصاريَّينِ «أنهُما أكَلَا السَّمكَ الطافِيَ»، وعنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «لا بأسَ بالسَّمكِ الطَّافي»، وعن أبي هُريرةَ وزَيدِ بنِ ثابِتٍ أنهُما «كانَا لا يَرَيانِ بأكلِ ما لفَظَ بأسًا»، وعن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ وعبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ مثلُه، قالَ النَّوويُّ : رَوى البَيهقيُّ هذا كلَّه بأسانيدِه المُتصِلةِ (٢).


(١) أخرجه مسلم (١٣٩٥).
(٢) «المجموع» (٩/ ٣٠، ٣٢)، ويُنظَر: «شرح صحيح البخاري» (٥/ ٤٠٠)، و «الاستذكار» (٥/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٦٥)، و «البيان» (٤/ ٥٢٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٥٠)، و «المغني» (٩/ ٣١٤، ٣١٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>