للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ عَبد البرِّ : أمَّا الصَّلاةُ بعدَ الصُّبحِ، إذا كانَت نافِلةً أو سُنَّةً، ولم تكُن قَضاءَ فَرضٍ فلا تَجوزُ؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ نَهى عن الصَّلاةِ بعدَ الصُّبحِ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ، وبعدَ العَصرِ حتى تَغرُبَ الشَّمسُ (١)؛ نَهيًا مُطلَقًا، إلا أنَّه مَوقوفٌ على كلِّ ما عَدا الفَرضِ منَ الصَّلاةِ؛ لحَديثِ أبي هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَنْ أَدرَكَ رَكعَةً مِنْ الصُّبحِ قبلَ أَنْ تَطلُعَ الشَّمسُ، أَوْ مَنْ أَدرَكَ رَكعَةً مِنْ العَصرِ قبلَ أَنْ تَغرُبَ الشَّمسُ، فقدَ أَدرَكَ» (٢). يَعني: الوقتَ.

وممَّن قالَ بهذا: مالِكُ بنُ أنَسٍ وأصحابُه، وإليهِ ذَهب أحمدُ بنُ حَنبَلٍ وإسحاقُ بنُ رَاهَوَيهِ.

قالَ أحمدُ بنُ حَنبَلٍ وإسحاقُ: لا يُصلَّى بعدَ العَصرِ إلا صَلاةٌ فائِتةٌ أو صَلاةُ جَنازةٍ، ومَذهبُ مالِكٍ في ذلك هو مَذهبُ عمرَ بنِ الخطَّابِ، وأبي سَعيدٍ الخُدرِيِّ، وأبي هُريرةَ، وهُم رَوَوا عن النَّبيِّ : أنَّه نَهى عن الصَّلاةِ بعدَ الصُّبحِ حتى تَطلُعَ الشَّمسُ، وعنِ الصَّلاةِ بعدَ العَصرِ حتى تَغرُبَ الشَّمسُ، وهُم أعلَمُ بما رَوَوا. وحَسبُكَ ضَربُ عمرَ على ذلك بالدِّرَّةِ، ولا يَكونُ ذلك إلَّا عن بَصيرةٍ. وكذلك ابنُ عبَّاسٍ روى الحَديثَ في ذلك عن عمرَ، عن النَّبيِّ قالَ بهِ على ظاهِره وعُمومِه (٣).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : فأمَّا قَضاءُ السُّننِ في سائرِ أوقاتِ النَّهيِ وفِعلُ


(١) رواه البُخاري (١١٣٩)، ومُسلِم (٨٢٦).
(٢) رواه مُسلِم (٦٠٨).
(٣) «الاستذكار» (١/ ٣٨٣، ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>