غيرِها مِنْ الصَّلواتِ التي لها سَببٌ كتَحِيَّةِ المَسجدِ وصَلاةِ الكُسوفِ وسُجودِ التِّلاوَةِ؛ فالمَشهورُ في المَذهبِ أنَّه لا يَجوزُ، ذكرَه الخرقِيُّ في سُجودِ التِّلاوةِ وصَلاةِ الكُسوفِ.
وقالَ القاضي: في ذلك رِوايَتانِ: أصحُّهُما: أنَّه لا يَجوزُ، وهو قولُ أصحابِ الرَّأيِ؛ لعُمومِ النَّهيِ.
والأُخرَى: يَجوزُ، وهو قولُ الشافِعيِّ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ:«إذا دخلَ أحَدُكُمُ المَسجدَ فلا يَجلِس حتى يَركَعَ رَكعتَينِ»(١). مُتفقٌ عليه، وقالَ في الكُسوفِ:«فإذا رَأَيتُمُوهَا فَصَلُّوا»، وهذا خاصٌّ في هذه الصَّلواتِ، فيُقدَّمُ النَّهيُ العامُّ في الصَّلاةِ كلِّها، ولأنَّها صَلاةٌ ذاتُ سَببٍ فأشبَهَت ما ثَبت جَوازُه.
ولنا: أنَّ النَّهيَ لِلتَّحريمِ، والأمرَ لِلنَّدبِ، وتَركُ المُحَرمِ أَولَى من فِعلِ المَندوبِ، وقولُهمُ: الأمرُ خاصٌّ في الصَّلاةِ. قُلنا: ولكنَّه عامٌّ في الوقتِ، والنَّهيُ خاصٌّ فيه؛ فيُقدَّمُ.
ولا يَصحُّ القِياسُ على القَضاءِ بعدَ العَصرِ؛ لأنَّ حُكمَ النَّهيِ فيه أخَفُّ؛ لمَا ذكَرنا، ولا على قَضاءِ الوِترِ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ لذلكَ، ولأنَّه وقتٌ له، بدَليلِ حَديثِ أبي بَصرةَ، ولا على صَلاةِ الجَنازةِ؛ لأنَّها فَرضُ كِفايةٍ، ويُخافُ على المَيِّتِ، ولا على رَكعتَيِ الطَّوَافِ؛ لأنَّهما تابِعَتانِ لمَا لا يُمنَعُ فيه النَّهيُ، مع أنَّنَا قد ذكَرنا أنَّ الصَّحيحَ أنَّه لا يُصلَّى على الجِنازةِ في