للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو رَمَى طائِرًا فأصابَ صَيدًا وذهَبَ المَرمِيُّ إليهِ ولم يَعلمْ أوَحشِيٌّ أو مُستأنِسٌ أُكِلَ الصَّيدُ؛ لأنَّ الأصلَ في الطَّيرِ التوحُّشُ، فيَجبُ التمسُّكُ بالأصلِ حتى يُعلَمَ الاستِئناسُ.

ولو عَلِمَ أنَّ المَرميَّ إليه داجِنٌ تأوِي البُيوتَ لا يُؤكلُ الصَّيدُ؛ لأنَّ الداجِنَ يأويهِ البَيتُ وتَثبتُ اليدُ عليهِ، فكانَ الرميُ إليه كالرميِ إلى الشاةِ، وذلكَ لا يَتعلقُ به الحِلُّ، كذا هذا (١).

وقالَ المالِكيةُ: تَجبُ نِيةُ الذكاةِ بأقسامِها الأربَعةِ الذَّبحِ والنَّحرِ والعَقرِ وما يُعجِّلُ الموتَ كإلقاءِ في نارٍ ونحوها أو قَطعِ جَناحٍ لجَرادٍ ونحوِه ممَّا مَيتتُه طاهِرةٌ مِنْ البَرِّ، لكنَّ النيةَ في العَقرِ عندَ إرسالِ الجارحِ أو السَّهمِ، فيَجبُ قَصدُ الذَّكاةِ على كُلِّ تَقديرٍ، فلو رمَى بحَجرٍ أو غيرِه ولم يَنوِ الاصطِيادَ فوافَقَ الإصابةَ فإنه لا يُؤكلُ، كما إذا ضرَبَ شاةً أو غيرَها لا يُريدُ ذبْحَها فوافَقَ الذَّبحَ أو النَّحرَ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: يُشترطُ قَصدُ العَينِ بالفِعلِ وإنْ أخطَأَ في الظَّنِّ، أو قَصدُ الجِنسِ وإنْ أخطَأَ في الإصابةِ، فعَلى هذا لو كانَ بيَدِه سِكينٌ مَثلًا فسقَطَ مِنْ يَدِه وانجَرحَ به صَيدٌ مَثلًا وماتَ، أو احتكَّتْ به شاةٌ مَثلًا وهو في يَدِه -سَواءٌ أحَرَّكَه أم لا- فانقَطعَ حُلقومُها ومَريئُها، أو تَعقَّرَ به صَيدٌ، أو استَرسلَ


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٥٧).
(٢) «التاج والإكليل» (٢/ ٢١٧)، و «مواهب الجليل» (٤/ ٣٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٣٦٥)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>