للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالَ الكَلبُ على إنسانٍ فأغراهُ إنسانٌ فالضَّمانُ على مَنْ أغراهُ، وإنْ أرسَلَه بغيرِ تَسميةٍ ثم سمَّى وزجَرَه فزادَ في عَدوِه فظاهِرُ كلامِ أحمَدَ أنه يُباحُ؛ فإنه قالَ: إذا أرسَلَ ثمَّ سمَّى فانزَجرَ أو أرسَلَ وسمَّى فالمعنَى قَريبٌ مِنْ السَّواءِ، وظاهِرُ هذا الإباحةُ؛ لأنه انزَجرَ بتَسميتِه وزَجرِه، فأشبَهَ التي قبلَها، وقالَ القاضي: لا يُباحُ صَيدُه؛ لأنَّ الحُكمَ يتَعلقُ بالإرسالِ الأولِ، بخِلافِ ما إذا استَرسلَ بنَفسِه، فإنه لا يَتعلقُ به حَظرٌ ولا إباحةٌ (١).

وقالَ الحَنفيةُ: يُشترطُ أنْ يَكونَ الإرسالُ والرميُ على الصَّيدِ وإليهِ، حتى لو أرسَلَ على غيرِ صَيدٍ أو رَمَى إلى غَيرِ صَيدٍ فأصابَ صيدًا لا يَحلُّ؛ لأنَّ الإرسالَ إلى غَيرِ الصَّيدِ والرَّميَ إلى غيرِه لا يَكونُ اصطِيادًا، فلا يَكونُ قَتلُ الصَّيدِ وجَرحُه مُضافًا إلى المُرسِلِ والرامِي، فلا تَتعلقُ به الإباحةُ.

وعلى هذا يُخرَّجُ ما إذا سَمِعَ حِسًّا فظَنَّه صَيدًا فأرسَلَ عليهِ كَلبَه أو بازَه أو رَماهُ بسَهمٍ فأصابَ صَيدًا أو بانَ لهُ أنَّ الحِسَّ الذي سَمعَه لم يَكنْ حِسَّ صَيدٍ وإنما كانَ شاةً أو بَقرةً أو آدميًّا أنهُ لا يُؤكلُ الصَّيدُ الذي أصابَه؛ لأنه تَبيَّنَ أنه أرسَلَ على ما ليسَ بصَيدٍ ورَمَى إلى ما ليسَ بصَيدٍ، فلا يَتعلقُ به الحِلُّ، وصارَ كأنه رَمَى إلى آدَميٍّ أو شاةٍ أو بَقرةٍ وهو يَعلمُ به فأصابَ صَيدًا أنه لا يُؤكَلُ، كذا هذا.

وإنْ كانَ الحِسُّ حِسَّ صَيدٍ فأصابَ صَيدًا يُؤكلُ، سَواءٌ كانَ ذلكَ الحِسُّ حِسَّ صَيدٍ مأكولٍ أو غيرِ مَأكولٍ بعدَ أنْ كانَ المُصابُ صَيدًا مَأكولًا.


(١) «المغني» (٩/ ٢٩٤)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٦٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٣٥٨، ٣٥٩)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>