للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنابلةُ: فلو سَمَّى وأرسَلَها، لا لقَصدِ الصَّيدِ، أو لقَصدِه ولمْ يَرَه، أو استَرسَلَ الجارِحُ بنَفسِه فقتَلَ صَيدًا؛ لم يُبَحْ؛ لحَديثِ: «إذا أرسَلْتَ كَلبَكَ المُعلَّمَ وذكَرْتَ اسمَ اللهِ عليهِ فكُلْ» مُتفَقٌ عليهِ.

ولأنَّ إرسالَ الجارحِ جُعلَ بمَنزلةِ الذَّبحِ، ولهذا اعتُبِرَت التسميةُ معهُ، فإنْ زجَرَه فزادَ عَدْوُه بزَجرِه حَلَّ حيثُ سمَّى عندَ زَجرِه، وبه قالَ مالكٌ والشافِعيُّ؛ لأنَّ زجْرَه أثَّرَ في عَدوِه، أشبَهَ ما لو أرسَلَه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : أنْ يُرسلَ الجارِحةَ على الصَّيدِ، فإنِ استَرسَلَتْ بنَفسِها فقتَلَتْ لم يُبَحْ، وبهذا قالَ رَبيعةُ ومالِكٌ والشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرَّأيِ، وقالَ عطاءٌ والأوزاعِيُّ: يُؤكَلُ صيدُه إذا أخرَجَه للصَّيدِ، وقالَ إسحاقُ: إذا سمَّى عندَ انفِلاتِه أبيحَ صَيدُه، ورَوى بإسنادِه عنِ ابنِ عُمرَ «أنه سُئلَ عن الكِلابِ تَنفلِتُ مِنْ مَرابضِها فتَصيدُ الصَّيدَ قالَ: اذكُرِ اسمَ اللهِ وكُلْ»، قالَ إسحاقُ: فهذا الذي أختارُ إذا لم يَتعمَّدْ هو إرسالَه مِنْ غيرِ ذِكرِ اسمِ اللهِ عليهِ، قالَ الخلَّالُ: هذا على معنَى قولِ أبي عبدِ اللهِ.

ولنا: قولُ النبيِّ : «إذا أرسَلْتَ كَلبَكَ وسَمَّيتَ فكُلْ»، ولأنَّ إرسالَ الجارِحةِ جُعلَ بمَنزلةِ الذَّبحِ، ولهذا اعتُبِرَت التسميةُ معهُ.

وإنِ استَرسَلَ بنَفسِه فسمَّى صاحبُه وزجَرَه فزادَ في عَدْوِه أبيحَ صَيدُه، وبه قالَ أبو حَنيفةَ، وقالَ الشافِعيُّ: لا يُباحُ، وعن عَطاءٍ كالمَذهبَينِ.

ولنَا: إنَّ زجْرَه أثَّرَ في عَدوِه، فصارَ كما لو أرسَلَه؛ وذلكَ لأنَّ فِعلَ الإنسانِ متَى انضافَ إلى فِعلِ غيرِه فالاعتبارُ بفِعلِ الإنسانِ؛ بدَليلِ ما لو

<<  <  ج: ص:  >  >>