للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوجَّهتْ إليها رِيبةٌ كانَ لهُما في حَقِّ صِيانتِها أنْ يَأخذَاها بما يَنفِي الرِّيبةَ عنها مِنْ مُقامِها عندَ أحَدِهما أو عندَ مَنْ يُوثَقُ به مِنْ أهلِها، والنِّساءُ منهُم أَولى مِنْ الرِّجالِ؛ لفَضلِ الاحتِياطِ، وإنْ طلَبَتِ المُقامَ عندَ أحَدِ أبوَيها فامتَنعَ نُظرَ، فإنْ كانَ لخَوفِها على عَقِّها أُخذَا جَبْرًا بمُقامِها عندَ أحَدِهما، وإنْ كانَ لسُقوطِ مُؤنةِ السُّكنى لم يُجبَرْ واحِدٌ منهُما عليها كما لا يُجبَرُ على نَفقتِها، ويُكرهُ لهُما تَضييعُها، فإذا تزوَّجتْ صارَ الأبُ أحَقَّ بها منهُما.

فإنْ أيِّمَتْ بمَوتِ الزَّوجِ أو طَلاقٍ كانَتْ حالُها في الانفِرادِ عن أبوَيها بعدَ الأَيمةِ أخَفَّ مِنْ حالِها قبْلَها؛ لأنها قد خَبرتْ وخَرَجتْ عن حَدِّ الغرَّةِ، فلا يُكرهُ لها الانفِرادُ، فإنْ ظهَرَ منها بعدَ الأيمَةِ رِيبةٌ تولَّى الأبَوانِ حسْمَها (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إذا كانَ الولدُ بالغًا رَشيدًا فلا حَضانةَ عليه؛ لأنه استَقلَّ بنَفسِه وقدَرَ على إصلاحِ أمورِه بنَفسِه، فوجَبَ انفكِاكُ الحَجرِ عنه، وإليه الخِيَرةُ في الإقامةِ عندَ مَنْ شاءَ مِنْ أبوَيهِ؛ لأنه لم تَثبتِ الوِلايةُ عليه لأحَدٍ، فإنْ كانَ رَجلًا فلهُ الانفِرادُ بنَفسِه؛ لاستِغنائِه عنهُما، ويُستحَبُّ أنْ لا يَنفردَ عنهُما ولا يَقطعَ بِرَّه عنهُما.

وإنْ كانَتْ جارِيةً لم يَكنْ لها الانفِرادُ بنَفسِها، ولأبيها مَنعُها منه؛ لأنه لا يُؤمَنُ أنْ يَدخلَ عليها مَنْ يُفسدُها ويُلحقُ العارُ بها وبأهلِها، وإنْ لم يَكنْ لها أبٌ فلوَليِّها وأهلِها مَنعُها مِنْ ذلكَ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١١/ ٥١١)، و «البيان» (١٠/ ٢٧٤).
(٢) «المغني» (٨/ ١٩١)، و «الكافي» (٣/ ٣٨٦، ٣٨٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>