ومَن سِوَى الأمِّ والجدَّةِ أحقُّ بالجارِيةِ حتى تَبلغَ حَدًّا تُشتهَى؛ لأنَّ حَقَّ هَؤلاءِ لا يُستحقُّ بالوِلادةِ، وإنما يَثبتُ لهُم ما دامَ الصغيرُ يَحتاجُ إلى الحَضانةِ، فإذا استَغنَى عنها زالَ ذلكَ المَعنَى (١).
وقالَ الشافِعيةُ: إنِ اختارَ أحَدَهما نَظَرْتَ، فإنْ كانَ ابنًا فاختارَ الأمَّ كانَ عندَها بالليلِ، ويَأخذُه الأبُ بالنَّهارِ ويُسلِّمُه في مَكتبٍ أو صَنعةٍ؛ لأنَّ القَصدَ حظُّ الوَلدِ، وحَظُّ الوَلدِ فيما ذكَرْناهُ.
وإنِ اختارَ الأبَ كانَ عندَه باللَّيلِ والنهارِ، ولا يَمنعُه مِنْ زِيارةِ أمِّه؛ لأنَّ المَنعَ مِنْ ذلكَ إغراءٌ بالعُقوقِ وقَطعِ الرَّحمِ، ولا يَحوجُها إلى الخُروجِ لزِيارتِه، وإنْ زارَتْه لم يَمنعْها مِنْ الدُّخولِ عليهِ، وله مَنعُ الأنثى مِنْ زِيارةِ الأمِّ، فإنْ شاءَتِ الأمُّ خرَجَتْ إليها للزِّيارةِ؛ لأنها أَولى بالخُروجِ؛ لسِنِّها وخِبرتِها، فإنْ مَرضَ كانَتِ الأمُّ أحَقَّ بتَمريضِه؛ لأنَّ بالمَرضِ صارَ كالصَّغيرِ في الحاجةِ إلى مَنْ يَقومُ بأمرِه، فكانَتِ الأمُّ أحَقَّ به.
ثمَّ الزِّيارةُ تَكونُ على العادَةِ في كلِّ يَومينِ أو ثَلاثةٍ، لا في كلِّ يَومٍ، إلا إذا كانَ مَنزلُها قَريبًا فلا بأسَ أنْ تَدخلَ في كلِّ يَومٍ، وإنْ دخَلَتْ لا تُطيلُ المُكثَ.
(١) «الهداية» (٢/ ٣٨)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٧٧، ٧٩)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٤٨)، و «العناية» (٦/ ١٨٥، ١٨٦).