وإنْ كانَ البلدُ الذي يَنتقلُ إليه آمِنًا وطَريقُه آمِنٌ فالأبُ أحَقُّ به، سَواءٌ كانَ هو المُقيمَ أو المُتنقلَ؛ لأنه الذي يَقومُ بتَأديبِه وتَخريجِه وحِفظِ نَسبِه، فإذا لم يَكنِ الوَلدُ في بَلدِ الأبِ ضاعَ، إلا أنْ يَكونَ بينَ البَلدينِ قَريبٌ بحَيثُ يَراهمُ الأبُ كلَّ يَومٍ ويَرَونَه، فتَكونُ الأمُّ على حَضانتِها؛ لأنها أتمُّ شَفقةً، ولأنَّ مُراعاةَ الأبِ له مُمكِنةٌ، وهذا كلُّه إنْ لم يَقصدِ المُسافرُ به مُضارَّةَ الآخَرِ، وإلا فالأمُّ أحَقُّ، كما ذكَرَه الشيخُ تَقيُّ الدِّينِ وابنُ القيِّمِ -رحمهما الله-.
وإنْ انتَقلَا جَميعًا إلى بلدٍ واحدٍ فالأمُّ باقيةٌ على حَضانتِها، وكذلكَ إنْ أخذَه الأبُ؛ لافتِراقِ البلدَينِ، ثمَّ اجتَمعَا عادَتْ إلى الأمِّ حَضانتُها، وغيرُ الأمِّ ممَّن له الحَضانةُ مِنْ النِّساءِ يَقومُ مَقامَها، وغيرُ الأبِ مِنْ عَصباتِ الوَلدِ يَقومُ مَقامَه عندَ عَدمِهما أو كَونِهما مِنْ غيرِ أهلِ الحَضانةِ (١).
وأما الإمامُ ابنُ القيِّمِ ﵀ وكذا ابنُ حَزمٍ ﵀ فذهَبَا إلى أنَّ الولَدَ لا يَنتقلُ إلى الأبِ إذا سافَرَ الأبُ وانتَقلَ مِنْ بَلدِه.