مِنْ الأمِّ وغيرِها إنْ لم تُرِدِ الانتِقالَ مع وَلدِها؛ لأنَّ كَونَه مع أبيه مَصلحةٌ مُتأبِّدةٌ، وكَونُه مع أمِّه مَصلحةٌ مُؤقتةٌ تَزولُ عن قريبٍ، ومُراعاةُ المَصلحةِ المتأبِّدةِ أَولى.
ولو أرادَ الخُروجَ لتِجارةٍ لم يَكنْ ذلكَ له، وكذلكَ أولياءُ الصبيِّ الذين يَلُونَ مالَه إذا انتَقلُوا للاستيطانِ، فإنِ انتَقلَتِ الأمُّ معهُم فهي على حَضانتِها، وليسَ لها أنْ تَنقلَ ولَدَها عن مَوضعِ سُكنَى الأبِ إلا فيما يَقربُ نحوَ المَسافةِ التي لا تُقصَرُ الصلاةُ فيها، ولو شرَطَ عليها في حينِ انتِقالِه عن بلدِها أنه لا يَتركُ ولَدَه عندَها إلا أنْ تَلتزمَ نَفقتَه ومَؤونتَه سِنينَ مَعلومةً فالتَزمَتْ ذلكَ ثم ماتَتْ لم يَتبعْ بذلكَ ورَثَتَها في تَركتِها … كما لو ماتَ الولدُ، أو كما لو صالَحَها على نَفقةِ الحَملِ والرَّضاعِ فأسقَطَتْ لم يَتبعْ بشَيءٍ مِنْ ذلكَ (١).
وقالَ الشافِعيةُ: إذا بانَتِ المَرأةُ مِنْ زَوجِها وبينَهُما وَلدٌ صَغيرٌ وأرادَ أحدُ الأبوَينِ السَّفرَ إلى بَلدٍ، فهذا على ضَربينِ:
أحَدُهما: أنْ يَكونَ سفَرَ الحاجةِ إذا نَجزَتْ عادَ، فالمُقيمُ منهُما أبًا كانَ أو أمًّا أحقُّ بكَفالتِه ابنًا كانَ أو بِنتًا؛ لأنَّ المُقامَ أودَعُ والسَّفرَ أخطَرُ.
والضَّربُ الثَّاني: أنْ يكونَ سَفرُه لنُقلةٍ يَستوطنُ فيها بَلدًا غيرَ بَلدِ الآخَرِ، فهذا على ضَربينِ:
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٧٦)، رقم (١٤٢٥)، و «الكافي» (١/ ٢٩٧)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٦٤، ٢٦٥)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٢١٥، ٢١٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥١٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٤٧، ٤٤٨).