للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَربَعِينَ آيَةً قام فَقرأَ وهو قائِمٌ، ثم رَكَعَ، ثم سجدَ، ثم يَفعلُ في الرَّكعَةِ الثَّانيَةِ مثلَ ذلكَ» (١).

وقد رُويَ من طَريقٍ آخرَ ما يُفيدُ التَّخييرَ في الرُّكوعِ والسُّجودِ بينَ القِيامِ والقُعودِ، حيثُ فعلَ الرَّسولُ الأمرَينِ جَميعًا، كما زادَت عائِشةُ: أنَّها لم تَرَ رَسولَ اللهِ يُصلِّي صَلاةَ اللَّيلِ قاعِدًا قَطُّ حتى أسَنَّ، فكانَ يَقرأُ قاعِدًا حتى إذا أرادَ أن يَركَعَ قامَ فقرأَ نَحوًا مِنْ ثَلاثِينَ آيةً أو أربَعينَ آيةً ثم رَكَعَ (٢).

وعنها: «أنَّ رَسولَ اللهِ كانَ يُصلِّي لَيلًا طَوِيلًا قائِمًا، وَلَيلًا طَوِيلًا قاعِدًا، وكان إذا قرأَ وهو قائِمٌ رَكع وَسَجد، وهو قائِمٌ، وإذا قرأَ قاعِدًا رَكع وسَجد وهو قاعِدٌ» (٣).

ولو افتَتحَ التَّطوُّعَ قائِمًا ثم أرادَ أن يَقعُدَ، أو افتَتحَهُ قاعِدًا ثم أرادَ أن يَقومَ، جازَ ذلك عندَ أبي حَنيفَةَ؛ استِحسانًا، وعندَ مالِكٍ والشافِعيِّ وأحمدَ؛ لأنَّه مُتَبرِّعٌ، وهو مُخيَّرٌ بينَ القيامِ والقُعودِ في الابتِداءِ، فكَذَا بعدَ الشُّروعِ؛ لأنَّه مُتَبرِّعٌ أيضًا. ولِلأحاديثِ السابقةِ عن عائِشةَ في هذا.

وذَهب أبو يُوسفَ ومُحمدٌ من الحَنفيَّةِ إلى أنَّه لا يَجوزُ له ذلكَ. قالَ الكاسانِيُّ: وهو القِياسُ؛ لأنَّ الشُّروعَ مُلزِمٌ، كالنَّذرِ، ولو نَذَرَ أن يُصلِّيَ رَكعتَينِ قائِمًا لا يُجوزُ له القُعودُ من غيرِ عُذرٍ؛ فكَذا إذا شرعَ قائِمًا.


(١) رواه مُسلِم (٧٣١).
(٢) رواه البُخاري (١٠٩٧)، ومُسلِم (٧٣١).
(٣) رواه مُسلِم (٧٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>