للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحُذَيفةَ مرَّةً، وبأنَسٍ وأُمِّهِ واليَتيمِ مرَّةً، وأَمَّ أصحابَه في بَيتِ عِتبانَ مرَّةً، وأَمَّهُم في لَيالي رَمضانَ ثَلاثَةً. وكلُّها أحادِيثُ جِيادٌ (١).

ولكنَّ المالِكِيَّةَ قيَّدُوا الجَوازَ بما إذا كانَتِ الجَمَاعةُ قَليلةً، وكانَ المَكانُ غيرَ مُشتَهَرٍ، فإِن كَثُرَ العددُ كُرِهَتِ الجَماعةُ، وكذلكَ تُكرَهُ الجَماعةُ لو كانَت قَليلَةً وَالمَكانُ مُشتهَرًا.

فقد رَوى ابنُ وَهبٍ عن مالِكٍ أنَّه لا بَأسَ بأن يُؤَمَّ النَّفَرُ في النَّافِلةِ، فأمَّا أن يَكونَ مُشتهَرًا أو يُجمعَ له النَّاسُ فلَا.

قالَ الحافِظُ في «الفَتحِ»: وهذا بَناهُ على قاعِدَتِه في سَدِّ الذَّرائعِ؛ لمَا يُخشَى من أن يَظُنَّ مَنْ لا عِلمَ له أنَّ ذلك فَريضةٌ، واستَثنَى ابنُ حَبيبٍ مِنْ أصحابهِ قِيامَ رَمضانَ؛ لِاشتِهارِ ذلك مِنْ فِعلِ الصَّحابةِ ومَن بعدَهم (٢).

أمَّا الحَنفيَّةُ فإنَّهم يَرَونَ أنَّ الجَماعةَ في النَّفلِ في غيرِ رَمضانَ مَكروهةٌ.

قالَ ابنُ نُجَيمٍ : ولو صَلوا الوِترَ جَماعةً في غيرِ رَمضانَ فهو صَحيحٌ مَكروهٌ، كالتَّطوُّعِ في غيرِ رَمضانَ بجَماعةٍ، وقيَّده في الكافي بأن يَكونَ على سَبيلِ التَّدَاعِي، أما لو اقتَدَى واحدٌ بواحدٍ، أو اثنانِ بواحدٍ، فلا يُكرَهُ، وإذا اقتَدَى ثَلاثةٌ بواحدٍ اختَلَفوا فيه، وإنِ اقتَدَى أربَعةٌ بواحدٍ كُرِهَ اتِّفاقًا (٣).


(١) «المغني» (١/ ٤٤٢)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٤٣٩، ٤٤٠)، و «المُبدع» (٢/ ٢٥)، و «النَّيل» (٣/ ٩٥).
(٢) «فتح الباري» (٣/ ٦٢)، و «شرحُ ابنِ بَطَّال» (٣/ ١٧٦)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٣٢٠).
(٣) «البحر الرائق» (٢/ ٧٥)، و «قيام الليل» للمَروَزِي (١/ ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>