امرَأتَه، وقالَ: إنْ كانَتْ كاذِبةً لم يَحُلِ الحَولُ حتى يَبيَضَّ ثَدْياها»، يَعني يُصيبَها فيها بَرصٌ عُقوبةً على كَذبِها، وهذا لا يَقتضيهِ قياسٌ ولا يَهتدِي إليه رَأيٌ، فالظاهرُ أنه لا يَقولُه إلا تَوقيفًا.
ويُقبلُ فيه شَهادةُ المرضِعةِ على فِعلِ نَفسِها؛ لِما ذكَرْنا مِنْ حَديثِ عُقبةَ مِنْ أنَّ الأمَةَ السَّوداءَ قالَتْ: قد أرضَعْتُكما، فقَبِلَ النبيُّ ﷺ شَهادتَها، ولأنه فِعلٌ لا يَحصلُ لها به نَفعٌ مَقصودٌ ولا تَدفعُ عنها به ضَررًا، فقُبلَتْ شَهادتُها به كفِعلِ غيرِها.
ولا تُقبلُ الشَّهادةُ على الرَّضاعِ إلا مُفسَّرةً، فلو قالَتْ:«أشهَدُ أنَّ هذا ابنُ هذهِ مِنْ الرَّضاعِ» لا تُقبلُ؛ لأنَّ الرضاعَ المُحرِّمَ يَختلفُ الناسُ فيه، منهُم مَنْ يُحرِّمُ بالقليلِ ومنهُم مَنْ يُحرِّمُ بعدَ الحَولينِ، فلَزمَ الشاهِدَ تَبيينُ كَيفيتِه ليَحكمَ الحاكمُ فيه باجتِهادِه، فيَحتاجُ الشاهدُ أنْ يَشهدَ أنَّ هذا ارتَضعَ مِنْ ثَديِ هذه خَمسَ رَضعاتٍ مُتفرِّقاتٍ خلَصَ اللبنُ فيهنَّ إلى جَوفِه في الحولينِ.
فإنْ قيلَ: خُلوصُ اللَّبنِ إلى جَوفِه لا طَريقَ له إلى مُشاهدتِه، فكَيفَ تَجوزُ الشَّهادةُ؟
قُلنا: إذا عَلِمَ أنَّ هذهِ المَرأةَ ذاتُ لَبنٍ ورَأى الصبيَّ قد التَقمَ ثَديَها وحرَّكَ فَمَه في الامتِصاصِ وحَلقَه في الاجتِراعِ حصَلَ ظنٌّ يَقربُ إلى اليقينِ أنَّ اللبنَ قد وصَلَ إلى جَوفِه، وما يَتعذرُ الوُقوفُ عليه بالمُشاهدةِ اكتُفيَ فيه بالظاهِرةِ، كالشَّهادةِ بالمِلكِ وثُبوتِ الدَّينِ في الذِّمةِ والشَّهادةِ على النَّسبِ بالاستِفاضةِ.
ولو قالَ الشاهِدُ:«ادخَلَ رأسَهُ تحتَ ثِيابِها والتَقمَ ثَديَها» لا يُقبلُ؛ لأنه