وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ الرضاعَ يَثبتُ بينَ الزَّوجينِ بشَهادةِ رَجلينِ عَدلينِ، ولا خِلافَ في ذلك، ويَثبتُ أيضًا بشَهادةِ رَجلٍ وامرأةٍ إذا كانَ ذلك فاشِيًا قبلَ العَقدِ مِنْ قَولِهما، ويَثبتُ أيضًا بشَهادةِ امرَأتينِ إنْ كانَ فاشيًا قبلَ العَقدِ على المَشهورِ، وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ.
وقالَ سَحنونٌ ومُطرِّفٌ وابنُ الماجشُونِ: يَثبتُ الرضاعُ بشَهادةِ المَرأتينِ مع عَدمِ الفُشوِّ إذا كانتَا عَدلتينِ، وسَواءٌ كانَتَا أمَّهاتِهما أو أجنبيَّتينِ؛ لأنَّ هذا مِنْ الأمرِ الذي لا يطَّلعُ عليه غالبًا إلا النِّساءُ، فإنْ لم يكنْ ذلكَ فاشِيًا قبلَ العَقدِ فإنه لا يَثبتُ، فشَرطُ الفُشوِّ قَيدٌ في المَسألتينِ، وأما الرَّجلُ مع المَرأتينِ فلا يُشترطُ الفشوُّ في ذلكَ.
وهل تُشترطُ عَدالةُ الرَّجلِ والمَرأةِ وعَدالةُ المَرأتينِ مع الفُشوِّ؟ أو لا تُشترطُ معه؟ فيه تَردُّدٌ، والراجِحُ أنه لا تُشترطُ العَدالةُ مع الفشوِّ.
ويَثبتُ الرضاعُ بينَ الزَّوجينِ بشَهادةِ رَجلينِ عَدلينِ اتِّفاقًا، فَشَا أم لا، ولا يَثبتُ بشَهادةِ امرأةٍ ولو فَشَا قبلَ العَقدِ ولو كانَتْ عَدلةً.
ويُستحبُّ التَّنزهُ في كلِّ شَهادةٍ لا تُوجِبُ فراقًا، بأنْ كانَتْ شَهادةَ امرأةٍ واحِدةٍ، سواءٌ كانَتْ أمَّ أحَدِهما أو أجنَبيةً، أو كانَتْ شَهادةَ رَجلٍ وحْدَه ولو كانَ عَدلًا، أو كانَتْ شَهادةَ امرَأتينِ ولم يَكنْ فشوٌّ قبلَ العَقدِ، ومعنَى التنزُّهِ بأنْ لا يَتزوَّجَها إنْ لم تَكنْ زَوجةً، أو يُطلِّقَها إنْ كانَتْ زَوجةً (١).
(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٢١١، ٢١٢)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٢٧، ٢٢٨)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٨٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٧٥، ٤٧٦)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣٩٩، ٤٠٠).