للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُويَ «أنَّ رَجلًا تَزوَّجَ امرَأةً فجاءَتْ امرَأةٌ فزعَمَتْ أنها أرضَعَتْهما، فسَألَ الرَّجلُ عليًّا فقالَ: هيَ امرأتُكَ، ليسَ أحَدٌ يُحرِّمُها عليكَ، فإنْ تَنزَّهتَ فهو أفضَلُ، وسَألَ ابنَ عبَّاسٍ فقالَ له مثلَ ذلكَ»، ولأنه يُحتمَلُ أنْ تَكونَ صَادقةً في شَهادتِها، فكانَ الاحتِياطُ هو المُفارَقةَ.

فإذا فارَقَها فالأفضَلُ له أنْ يُعطيَها نِصفَ المَهرِ إنْ كانَ قبلَ الدُّخولِ بها؛ لاحتِمالِ صحَّةِ النكاحِ؛ لاحتِمالِ كَذبِها في الشهادةِ، والأفضَلُ لها أنْ لا تَأخذَ شَيئًا منه؛ لاحتِمالِ فَسادِ النكاحِ؛ لاحتِمالِ صِدقِها في الشهادةِ.

وإنْ كانَ بعدَ الدُّخولِ فالأفضَلُ للزَّوجِ أنْ يُعطيَها كمالَ المَهرِ والنَّفقةَ والسُّكنى؛ لاحتِمالِ جَوازِ النكاحِ، والأفضَلُ لها أنْ تَأخذَ الأقلَّ مِنْ مَهرِ مِثلِها ومِن المُسمَّى، ولا تَأخذُ النَّفقةَ والسُّكنى؛ لاحتِمالِ الفَسادِ، وإنْ لم يُطلِّقْها فهو في سَعةٍ مِنْ المُقامِ معَها؛ لأنَّ النكاحَ قائمٌ في الحُكْمِ.

وكذا إذا شَهدَتِ امرَأتانِ، أو رَجلٌ وامرَأةٌ، أو رَجلانِ غيرُ عَدلَينِ، أو رَجلٌ وامرَأتانِ غيرُ عُدولٍ؛ لمَا قُلنا.

وإذا شَهدَ رَجلانِ عَدلانِ أو رَجلٌ وامرَأتانِ وفُرِّقَ بينَهما؛ فإنْ كانَ قبلَ الدخولِ بها فلا شَيءَ لها؛ لأنه تَبيَّنَ أنَّ النِّكاحَ كانَ فاسدًا، وإنْ كانَ بعدَ الدخولِ بها يَجبُ لها الأقَلُّ مِنْ المُسمَّى ومِن مَهرِ المِثلِ، ولا تَجبُ النَّفقةُ والسُّكنى في سائرِ الأنكِحةِ الفاسِدةِ (١).


(١) «المبسوط» (٥/ ١٣٧)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ١٤، ١٥)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٨٦، ٣٨٨)، و «اللباب» (٢/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>