للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالُوا: فنَحنُ نُوقنُ ونَقطعُ ونَبتُّ الشهادةَ للهِ بأنَّ فِعلَ عائِشةَ هو الحَقُّ، وأنَّ رَضاعَ الكَبيرِ يَقعُ به مِنْ التَّحريمِ والمَحرميةِ ما يَقعُ برَضاعِ الصَّغيرِ، ويَكفينَا أمُّنا أفقَهُ نِساءِ الأمَّةِ على الإطلاقِ وقد كانَتْ تُناظِرُ في ذلك نِساءَه ولا يُجبْنَها بغَيرِ قولِهنَّ: «ما أحَدٌ دِاخلٌ علينا بتِلكَ الرَّضاعةِ».

ويَكفينَا في ذلكَ أنه مَذهبُ ابنِ عَمِّ نبيِّنَا وأعلَمِ أهلِ الأرضِ على الإطلاقِ حينَ كانَ خَليفةً، ومَذهبُ الليثِ بنِ سَعدٍ الذي شَهِدَ له الشافِعيُّ بأنه كانَ أفقَهَ مِنْ مالِكٍ إلا أنه ضيَّعَه أصحابُه، ومَذهبُ عَطاءِ بنِ أبي رَباحٍ ذكَرَه عبدُ الرزَّاقِ عن ابنِ جُريجٍ عنه، وذكَرَ مالكٌ عن الزُّهريِّ أنه سُئلَ عن رَضاعِ الكَبيرِ فاحتَجَّ بحَديثِ سَهلةَ بنتِ سُهيلٍ في قِصةِ سالمٍ مَولى أبي حُذيفةَ، وقالَ عبدُ الرزَّاقِ: وأخبَرَني ابنُ جُريجٍ قالَ: أخبَرَني عبدُ الكَريمِ أنَّ سالِمَ ابنَ أبي الجَعدِ المَولى الأشجَعيَّ أخبَرَه أنَّ أباهُ أخبَرَه أنه سَألَ عليَّ بنَ أبي طالِبٍ فقالَ: «أردْتُ أنْ أتزوَّجَ امرَأةً قد سَقَتْني مِنْ لَبنِها وأنا كَبيرٌ تَداويتُ به، فقالَ له عَليٌّ: لا تَنكِحْها، ونَهاهُ عنها».

فهَؤلاءِ سَلَفُنا في هذهِ المَسألةِ، وتِلكَ نُصوصُنا كالشَّمسِ صِحةً وصَراحةً.

قالُوا: وأصرَحُ أحاديثُكم حَديثُ أمِّ سَلمةَ تَرفعُه: «لا يُحرِّمُ مِنْ الرَّضاعِ إلا ما فتَقَ الأمعاءَ في الثَّدي وكانَ قبلَ الفِطامِ»، فما أصرَحَه لو كانَ سَليمًا مِنْ العِلةِ، لكنْ هذا حَديثٌ مُنقطعٌ؛ لأنه مِنْ رِوايةِ فاطِمةَ بنتِ المُنذِرِ عن أمِّ سَلمةَ، ولم تَسمعْ منها شَيئًا؛ لأنها كانَتْ أسَنَّ مِنْ زَوجِها هِشامٍ باثنَي عشَرَ عامًّا، فكانَ مَولدُه في سَنةِ سِتينَ ومَولدُ فاطِمةَ في سَنةِ ثَمانٍ وأربَعينَ، وماتَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>