للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمُّ سَلمةَ سَنةَ تِسعٍ وخَمسينَ وفاطِمةُ صَغيرةٌ لم تَبلغْها، فكيفَ تَحفظُ عنها ولم تَسمعْ مِنْ خالةِ أبيها شَيئًا؟!

قالُوا: وإذا نظَرَ العالِمُ المُنصِفُ في هذا القَولِ ووازَنَ بينَه وبينَ قولِ مَنْ يَحُدُّ مُدةَ الرَّضاعِ المُحرِّمِ بخَمسةٍ وعِشرينَ شَهرًا أو سِتةٍ وعِشرينَ شَهرًا أو سَبعةٍ وعِشرينَ شَهرًا أو ثَلاثينَ شَهرًا مِنْ تلكَ الأقوالِ التي لا دَليلَ عليها مِنْ كِتابِ اللهِ أو سُنةِ رَسولِه ولا قَولِ أحَدٍ مِنْ الصحابةِ تَبيَّنَ له فَضلُ ما بينَ القَولينِ، فهذا مُنتهَى أقدامِ الطائفَتينِ في هذهِ المَسألةِ، ولَعلَّ الواقِفَ عليها لم يَكنْ يَخطرُ له أنَّ هذا القولَ تَنتهِي قوَّتُه إلى هذا الحدِّ، وأنه ليسَ بأيدِي أصحابِه قُدرةٌ على تَقديرِه وتَصحيحِه، فاجلِسْ أيها العالِمُ المنصِفُ مَجلسَ الحكَمِ بينَ هَذينِ المُتنازعَينَ وافصِلْ بينَهُما بالحُجةِ والبَيانِ لا بالتَّقليدِ وقالَ فُلانٌ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : واختَلفُوا في رَضاعِ الكَبيرِ:

فقالَ مالِكٌ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وكافَّةُ الفُقهاءِ: لا يُحرِّمُ رَضاعُ الكَبيرِ.

وذهَبَ داودُ وأهلُ الظاهرِ إلى أنه يُحرِّمُ، وهو مَذهبُ عائِشةَ.

ومَذهبُ الجُمهورِ هو مَذهبُ ابنِ مَسعودٍ وابنِ عُمرَ وأبي هُريرةَ وابنِ عبَّاسٍ وسائرِ أزواجِ النبيِّ .

وسَببُ اختِلافِهم: تَعارُضُ الآثارِ في ذلكَ، وذلكَ أنه ورَدَ في ذلكَ حَديثانِ:


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٥٧٨، ٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>