للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكرٍ وظاهرُ كلامِ أحمَدَ في روايةِ حَنبلٍ، فإنه قالَ: أمَا ترَى الصبيَّ يَرتضعُ مِنْ الثديِ، فإذا أدرَكَه النفَسُ أمسَكَ عن الثديِ ليَتنفسَ أو يَستريحَ، فإذا فعَلَ ذلكَ فهي رَضعةٌ؛ وذلك لأنَّ الأُولى رَضعةٌ لو لم يَعُدْ، فكانتْ رَضعةً وإنْ عادَ كما لو قطَعَ باختيارِه.

والوَجهُ الآخَرُ: أنَّ جَميعَ ذلكَ رَضعةٌ، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ، إلا فيما إذا قطَعَتْ عليه المُرضِعةُ ففيه وَجهانِ؛ لأنه لو حلَفَ: «لا أكَلتُ اليومَ إلا أكلةً واحِدةً» فاستَدامَ الأكلَ زَمنًا أو قطَعَ لشُربِ الماءِ أو انتقالٍ مِنْ لونٍ إلى لونٍ أو انتظارٍ لِما يُحملُ إليه مِنْ الطعامِ لم يُعَدَّ إلا أكلةً واحِدةً، فكذا هاهُنا، والأولُ أصَحُّ؛ لأنَّ اليَسيرَ مِنْ السَّعوطِ والوَجورِ رَضعةٌ، فكَذا هَذا (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنه لا يَثبتُ التحريمُ إلا بثَلاثِ رَضعاتٍ، وبه قالَ أبو ثَورٍ وأبو عُبيدٍ وداودُ وابنُ المُنذِرِ؛ لقولِ النبيِّ : «لا تُحرِّمُ المصَّةُ والمصَّتانِ» (٢).

وعن أمِّ الفَضلِ قالَتْ: «دخَلَ أعرابيٌّ على نَبيِّ اللهِ وهو في بَيتي فقالَ: يا نَبيَّ اللهِ إني كانَتْ لي امرَأةٌ فتَزوَّجتُ عليها أُخرَى، فزَعمَتْ امرَأتِي الأُولَى أنها أرضَعَتْ امرَأتِي الحُدثَى رَضعةً أو رَضعتَينِ، فقالَ نَبيُّ اللهِ : «لا تُحرِّمُ الإملَاجةُ والإملاجَتانِ».


(١) «المغني» (٨/ ١٣٧، ١٣٩)، و «الكافي» (٣/ ٣٤٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٥٢)، و «المبدع» (٨/ ١٦٦، ١٦٧)، و «الإنصاف» (٩/ ٣٣٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٢٢، ٥٢٣)، و «شرح منتهى الإردات» (٥/ ٦٣٢)، و «منار السبيل» (٣/ ١٨٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>