للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانَ في هذا الخبَرِ تَفسيرُ الرَّضاعةِ المُحرِّمةِ في الآيةِ؛ لأنَّ فيه بَيانُ ما يَحرمُ مِنْ الرَّضعاتِ، وكانَ مُفسِّرًا لقَولِه: «لا تُحرِّمُ الرَّضعةُ والرَّضعتانِ»، فدَلَّ على أنَّ قولَه: «لا تُحرِّمُ المصَّةُ ولا المصَّتانِ، ولا الرَّضعةُ ولا الرَّضعتانِ» خرَجَ على جَوابِ سائلٍ سَألَه عن الرَّضعةِ والرَّضعتينِ هل تُحرِّمانِ؟ فقالَ: لا؛ لأنَّ مِنْ سُنتِه وشَريعتِه أنه لا يُحرِّمُ إلا خَمسُ رَضعاتٍ، وأنها نسَخَتِ العَشرَ الرَّضعاتِ، كما لو سَألَ سائلٌ: هل يُقطعُ السارِقُ في دِرهمٍ أو دِرهمَينِ؟ كانَ الجَوابُ: لا يُقطعُ في دِرهمٍ ولا دِرهمينٍ؛ لأنه قد بيَّنَ رَسولُ اللهِ أنه لا يُقطعُ إلا في رُبعِ دِينارٍ، فكذلكَ بيانُه في الخَمسِ الرَّضعاتِ.

ولِما رواهُ عُروةُ بنُ الزُّبيرِ «أنَّ أبا حُذيفةَ بنَ عُتبةَ بنَ رَبيعةَ وكانَ مِنْ أصحابِ رَسولِ اللهِ ، وكانَ قد شَهدَ بَدرًا، وكانَ تَبنَّى سالمًا الذي يقالَ له سالمٌ مولَى أبي حُذيفةَ كما تَبنَّى رَسولُ اللهِ زيدَ ابنَ حارثةَ، وأنكَحَ أبو حُذيفةَ سالمًا وهو يَرى أنه ابنُه أنكَحَه بنتَ أخيهِ فاطِمةَ بنتَ الوليدِ بنِ عُتبةَ بنِ رَبيعةَ، وهي يَومئذٍ مِنْ المُهاجِراتِ الأوَلِ، وهي مِنْ أفضَلِ أيامَى قُريشٍ، فلمَّا أنزَلَ اللهُ تعالَى في كِتابهِ في زَيدِ بنِ حارثةَ ما أنزَلَ فقالَ: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [لقمان: ٥] ردَّ كلُّ واحدٍ مِنْ أولئكَ إلى أبيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>