ذلكَ ما قد دَلَّ على استواءِ قَليلِه وكَثيرِه في الحُرمةِ؛ لأنه لو كانَ مِنْ شَريعتِه أنْ لا تُحرِّمَ الرَّضعةُ والرَّضعتانِ إلى العَددِ المَذكورِ في ذلك الحَديثِ لَاستحالَ أنْ يكونَ رَسولُ اللهِ ﷺ يَأمرُ الذي سأَلَه بفِراقِ مَنْ قد أرضَعَتْه، والمَرأةُ التي قد تزوَّجَها المَرأةُ التي ذكَرَتْ له أنها أرضَعَتْهما رَضاعًا لا يَمنعُ مِنْ تَزويجِه إياها، ولكنْ يَقفُ عُقبةَ فيقولُ له: سَلْها عن عَددِ الرَّضاعِ الذي أرضَعَتْكُما كم هو؟ ليَقفَ بذلكَ على أنه مِنْ الرَّضاعِ الذي يُحرِّمُ عليه أنْ يَتزوَّجَها إذا كانَ في الحَقيقةِ كذلكَ، والتورُّعُ عن ذلكَ إذا كانَ الشكُّ فيه، أو أنه مِنْ الرضاعِ الذي لا يُحرِّمُ عليه تَزويجَها فيُخلِّيهِ وذلكَ التزويجَ، وفي تَركِه كذلكَ ما قد دَلَّ على أنه لا فرْقَ كانَ عندَه بينَ قليلِ الرَّضاعِ وبينَ كثيرِه في الحُرمةِ.
ورُويَ عن ابنِ عُمرَ ﵄ أنه قالَ:«الرَّضعةُ الواحِدةُ تُحرِّمُ».