للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبَتَ مِنْ وَجهٍ أوجَبَ التحريمَ وإنْ لم يَثبتْ مِنْ وَجهٍ آخَرَ، كذلكَ الرَّضاعُ يجبُ أنْ يكونَ هذا حُكمُه في إيجابِ التحريمِ بالرَّضعةِ الواحِدةِ؛ لتَسويةِ النبيِّ بينَهُما فيما علَّقَ بهما حُكمَ التَّحريمِ.

وحَديثِ ابنِ مَسعودٍ مَرفوعًا: «لا رَضاعَ إلا ما أنشَزَ العَظمَ وأنبَتَ اللَّحمَ» (١)، وإنه يَحصلُ بالقليلِ؛ لأنَّ اللَّبنَ متى وصَلَ إلى جَوفِ الصبيِّ أنبَتَ اللحمَ وأنشَزَ العَظمَ.

ولقَولِ النبيِّ : «الرَّضاعةُ مِنْ المَجاعةِ»، يعني: ما سَدَّ الجَوعةَ، والرَّضعةُ الواحِدةُ تَسدُّ الجَوعةَ.

ولِما رواهُ البُخاريُّ عن عبدِ اللهِ بنِ أبي مُليكةَ قالَ: حدَّثَني عُبيدُ بنُ أبي مَريمَ عن عُقبةَ بنِ الحارثِ قالَ: وقد سَمعتُه مِنْ عُقبةَ لكنِّي لحَديثِ عُبيدٍ أحفَظُ، قالَ: «تَزوَّجتُ امرَأةً فجاءَتْنا امرَأةٌ سَوداءُ فقالَتْ: أرضَعْتُكما، فأتَيتُ النبيَّ فقلتُ: تَزوَّجتُ فُلانةَ بنتَ فُلانٍ فجاءَتْنا امرَأةٌ سَوداءُ فقالَتْ لي: إني قد أرضَعْتُكما، وهي كاذِبةٌ، فأعرَضَ عنِّي، فأتَيتُه مِنْ قِبَلِ وَجهِه قلتُ: إنها كاذِبةٌ، قال: كيفَ بها وقد زعَمَتْ أنها قد أرضَعَتْكُما؟! دَعْها عنكَ» (٢).

فكانَ في هذا الحَديثِ تَركُ رَسولِ اللهِ كشْفَ عَددِ الرَّضاعِ الذي ذكَرَتْ تلكَ السوداءُ أنها أرضَعَتْ عُقبةَ والمَرأةَ التي تزوَّجَها، وفي


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٢٠٥٩)، وهو صَحيحٌ مَوقوفًا على ابنِ مَسعودٍ.
(٢) أخرجه البخاري (٤٨١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>