وقالَ أيضًا: كلُّ امرأةٍ حُرِّمتْ مِنَ النَّسبِ حُرِّمَ مثلُها مِنَ الرَّضاعِ، وهنَّ: الأمَّهاتُ والبَناتُ والأخَواتُ والعمَّاتَ والخالاتُ وبَناتُ الأخِ وبناتُ الأختِ على الوَجهِ الذي شَرَحناهُ في النَّسبِ؛ لقَولِ النبيِّ ﷺ: «يَحرمُ مِنْ الرَّضاعِ ما يَحرمُ منَ النَّسبِ» مُتفَقٌ عليهِ، وفي روايةِ مُسلمٍ: «الرَّضاعُ يُحرِّمُ ما تُحرِّمُ الوِلادةُ»، وقالَ النبيُّ ﷺ في دُرةَ بنتِ أبي سَلمةَ: «إنها لو لم تَكنْ رَبيبَتِي في حَجرِي ما حلَّتْ لي، إنها ابنةُ أخِي مِنْ الرَّضاعةِ، أرضَعَتْني وأباها ثُويبةُ» مُتفَقٌ عليهِ، لأنَّ الأمَّهاتِ والأخَواتِ مَنصوصٌ عَليهنَّ، والباقِياتُ يَدخلْنَ في عُمومِ لَفظِ سائرِ المُحرَّماتِ، ولا نَعلمُ في هذا خِلافًا (١).
وقالَ ابنُ بطالٍ ﵀: لا خِلافَ بينَ الأُمةِ أنه يَحرمُ مِنْ الرَّضاعِ ما يَحرمُ مِنَ النَّسبِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣]، فإذا كانَتِ الأمُّ مِنَ الرضاعِ مُحرَّمةً كانَ كذلكَ زوجُها، وصارَ أبًا لمَن أرضَعَتْه زَوجتُه؛ لأنَّ اللبنَ منهُما جَميعًا، وإذا كانَ زوجُ التي أرضَعَتْ أبًا كانَ أخوهُ عمًّا وكانَتْ أختُ المَرأةِ خالةً، يَحرمُ مِنْ الرَّضاعِ: العمَّاتَ والخالاتُ والأعمامُ والأخوالُ والأخَواتُ وبَناتُهنَّ كما يَحرمُ مِنْ النَّسبِ، هذا معنَى قولِه ﵇: «الرَّضاعةُ تُحرِّمُ ما تُحرِّمُ الوِلادةُ».
(١) «المغني» (٧/ ٨٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute